الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع إذا ادعى صبيا نصراني ومسلم لم يولد عندهما ، فقال النصراني : هو ابني ، وقال المسلم : عبدي ، يقوم على النصراني ويكون عتيقا ، ولا يلحق به نسبه ، ولما قال : هو ابني فقد أقر أنه حر .

                                                                                                                فرع : قال : قال أصبغ : قالت بينة المسلمة : مات مسلما ، وأخته النصرانية : مات نصرانيا ، فقد تداعيا النصف فيقسم بينهما بعد أيمانهما ، والنصف الآخر لبيت المال ، فإن قال الابن المسلم : مات مسلما ، وقالت البنت النصرانية : بل [ ص: 33 ] نصرانيا ، فللبنت الربع لأنها تدعي النصف ، وللابن ثلاثة أرباع لأنه يدعي الكل ، ولو تأخر قسم التركة ، ثم وجد في الأولاد مسلم فقال : أسلمت بعد الموت ، وقالوا : قبله فلا يستحق ، فعليه البينة ، قاله ابن القاسم ، لأن الأصل : أن لا يرث المسلم الكافر ، وقال ابن عبد الحكم : القول قوله ، لأن الأصل : عدم التقدم ، والأصل : ميراثه من أبيه ، فهو على وفق الأصلين ، وقال أشهب : إن أقرا أن أباهما مات مسلما وفي يدهما دار ، وقال أحدهما : أسلمت وإني مسلم ، وصدقه أخوه ، وادعى الآخر ذلك فكذبه أخوه ، وقال : بل أسلمت بعد ، فهي للمسلم الذي اجتمعا عليه ، وعلى الآخر البينة ، وكذلك إذا تنازعا في الحرية ، وهذا إذا لم تطل حيازتهما للدار ما تكون حيازة على الآخر ، ولو ادعى الكافر أن أباه مات كافرا ، وقال المسلم : مات مسلما ، حلف كل على دعواه ، وقسم بينهما ، ولو قال الأولاد المسلمون : مات مسلما ، وقال الأبوان الكافران : بل كافرا ، فكل فريق يدعي الجميع ، فيحلف على دعواه ويرثون كلهم ، قال سحنون : وهذا إذا كان الأبوان غريبين لا يعرف أصلهما ، وإلا صدقا ، لأن الأصل في ابن النصراني أنه نصراني ، وإذا قال رجل : هذا الميت ابني ، وهذا أخي ، وأنا مسلم ، وهو مسلم ، وادعى نصراني أنه أبوه ، والصغير أخوه وأنه نصراني ، فعل بالميت ما فعل بالمسلمين ، وإن كان له تركة بأيديهما اقتسماها بعد أيمانهما ، ووقف ثلث ما بيد كل واحد منهما ، فإن كبر الصغير وادعى الإسلام أخذ ثلث ما أقر به المسلم ، أو النصراني أخذ ثلث ما بيد النصراني بعد يمين المنكر ، وإن لم يعلم أيهما والده كلفا إثبات النسب إلا أن يكون المال بأيديهما ، وإن كانوا ثلاثة أحدهم نصراني ادعى أحد المسلمين موته مسلما ، والنصراني أنه مات كافرا ووقف أحد المسلمين ، فقد اعترف المسلم المدعي أنه لا يستحق إلا النصف ، والنصراني يدعي جميع المال ولا منازع له في النصف ، ويقسم النصف [ ص: 34 ] الآخر بينهما بعد أيمانهما ، فيقسم الربع وثلاثة أرباع ، ولا شيء لغير المدعي ، وإن كانوا نصرانيين وكافرين ، وتداعى الفريقان ، قسم أرباعا بعد أيمانهم ، فإن نكل أحد الفريقين فجميعه للفريق الحالف ، وإن نكل واحد من كل فريق فنصيبه للذي معه إن حلف ، فلو رجع أحد المسلمين وأحد الكافرين بعد أن قبضوا ، فالراجع أولا يسلم حقه للطائفة الأخرى ، فإن رجعا معا فالراجع يسلم لمن لم يرجع من الفريق الآخر ، لأنهما لو نكلا قبل القسم كان المال بين الحالفين من كل فريق نصفين ، وإن قال ابن نصراني : أبوه كان نصرانيا ، وقالت ابنته : كان مسلما ، ولهما أخت صغيرة ، فهو مقر للصغيرة بالثلث ، والكبيرة المسلمة تقر للصغيرة بالثلث والكبيرة ، فتأخذه ، والتداعي في الثلث فيقسم بين الكبيرة ، وللذكر الثلث الذي يصير للكبيرة ، لأنها يقول في الثلث ، والثلث للعصبة ، فيصير للذكر الثلث ، وللعصبة السدس ، وللكبيرة السدس ، إن كان العصبة على دين البنت ، وقدم في اختلاف الشهادات بعض هذا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية