الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                وفي المنتقى : قال ابن القاسم : إذا كتب وصية فبدأ بعبد ثم قام ليشتغل ثم عاد فكتب : الآخر هذا فصل ويقدم الأول ، قال المخزومي : إذا دبر ثم [ ص: 220 ] أغمي عليه ، ثم أفاق فدبر آخر : يتحاصان ورآهما سواء ، وإن قال في مرضه : لأنه جعل الجميع في ثلثه ، بخلاف الإقرار بالبتل ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا كان عليه دين بيع فيه المدبر الآخر فالآخر إن دبرهم مرتين ، قال محمد : المدبر في الصحة يقدم على كل وصية من عتق واجب ، أو زكاة أو بت في المرض وصداق المريض ، ويدخل فيما علم به الميت وما لم يعلم ، وفيما يبطل من إقرار بدين لوارث ، قال ابن القاسم : وكذلك المدبر في المرض يدخل فيما لم يعلم به بخلاف المبتل في المرض ، وزكاة يوصي بها ، قال ابن القاسم : إذا اجتمع ما يدخل في الطارئ وما لا يدخل : قدم المدبر في الثلث الحاضر ، فإن لم يف كمل من الطارئ ، وقال عبد الملك : يعتق في المالين بالحصص ، قال بعض فقهائنا : إذا بتل ودبر في المرض في فور واحد تحاصوا عند ضيق الثلث ، فما ناب المدبرين عتقوا فيه بالحصص أو المبتلين فبالقرعة ، قال اللخمي : إذا بتلهم في كلمة أو نسقا بيعوا في الدين بالحصص وعتقوا بعد قضائه بالحصص ، وعن ابن نافع : إذا قال : رقيقي مدبرون ولا مال له غيرهم يقرع بينهم كالمبتلين في المرض ، فمن خرج عتق ورق الآخر ، وهو الصواب ; لأنه كله عتق بعد الموت ، وإذا ضاق وللسيد دين على حاضر بيع بالنقد أو على غائب قريب الغيبة وهو حال استوى بالعتق حتى يقبض الدين ، أو بعيد الغيبة أو حاضر يقدم بيع المدبر للغرماء الآن ، فإن قبض الدين والعبد بيد الورثة عتق في ثلث ذلك بعد قضاء الدين ، فإن خرج عن أيديهم بيع ، قال ابن القاسم : لا يعتق ، وقال أصبغ : يعتق منه ، قال : وهو ظاهر المدونة والأول أقيس ; لأن البيع لا ينقضه الغرماء في الحي ، وإذا طرأ مال لم يعلم به نقض البيع إن كان في الثلث أو قريب الغيبة ، ويختلف في بعيد الغيبة في موضع لو علم به لبيع ، ولم ينظر ذلك المال كما تقدم لو علم به ، وإن بيع [ ص: 221 ] المدبر ماله عند ابن القاسم : لأنه بيع له ، وقال يحيى : بغير مال ، قال : وهو الصواب إن لم يرج للسيد مال ، وإلا فعلى القول بأنه لا ينقض البيع متى طرأ ذلك المال بيع بغير مال ، وعلى النقض يباع بماله ، وقاله سحنون فيمن دبر أمة فولدت أولادا فالقول ثم مات السيد وعليه دين يحيط برقبة الأمة ولا مال له يباع للغرماء ، ولا ينتظر الأولاد ، فإن أتوا بعد ذلك نظر الدين ، فإن كان يحيط بأثلاثهم وثلث الأم بيع من كل واحد ثلثه ويعتق ثلث ما بقي من الأم والولد ، ويخير مشتريها بين الرد والتمسك ، فإن لم يحمل الثلث وبيده مال إن انتزع ، وكثرته حمله ، قال ابن القاسم : لا تنتزع ويعتق منه ما حمل على أن ذلك بيده ، وقال ابن وهب : ينزع ويعتق ، قال مالك : فإن دبره في صحته واستثنى ماله جاز ، وقال ابن القاسم : ليستبد به بعد الموت . ويقوم بغير مال ، ويحسب ما في يده من مال سيده ، فإن مات عن مدبرة في يدها أموال مختلفة : فيختلف في النحل ، والهبات - كما تقدم - والغلات ، والخراج ، والجنايات للورثة ، حملها الثلث أم لا ، ويكثر بها مال المعتق إن لم يحملها الثلث فيعتق فيه قولا واحدا ، وأما مهرها فقال ابن القاسم : يقوم به وقيل الورثة ; لأنه ثمن نقص منافعها وبعض رقبتها ، والأول يرى حق الزوج فيه أو لأنه في معنى الهبة ، لأن كلا الزوجين يستمتع بصاحبه ، وما أغلب في حياة السيد أو بعد موته أو جني عليها في حياة السيد أو بعد موته سواء ذلك للورثة ، وإنما يعتبر ما يحمل المدبر من مال سيده يوم ينظر فيه لا يوم الموت ، وإن كان لا يحمله ولم ينظر فيه حتى زاد بالخراج أضيف الخراج إليه ، كما يتضرر بالنقص ينتفع بالزيادة ، فإن تغيرت قيمة المدبر بزيادة حوالة سوق أو نقص بعيب فلا يعتق إلا ما حمله الثلث في الزيادة ، ويعتق جميعه في النقص ، وإن ولدت المدبرة بعد موت السيد وقبل أن ينظر في الثلث قال مالك : تقوم بولدها ، ويعتق منهما ما يحمله الثلث ، وإن كان الولد معها يوم الموت فمات والأم قبل النظر في ذلك يحمل الثلث الباقي منهما .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية