الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن ادعيت عليه حرا وادعيت قرب البينة في يومك أو غدك ، وقفه القاضي ولا يحبسه إلا أن يقيم شاهدا . ولو ادعيت عبدا وسألت وضع قيمة العبد ويذهب به إلى بلدك لتشهد عليه البينة عند قاضيها فلك ذلك لأنه عذر إذا أقمت الآن شاهدا على القطع أو بينة سماع أنهم سمعوا أنه عبدك وأنه سرق منك ، وإلا فلا لك أخذه ولا إيقافه إلا أن تدعي البينة حاضرة أو بينة بسماع ، سمعت دعواك ، ولك ذلك في قرب البينة اليوم ونحوه . فإن أتيت بشاهد أو سماع فلك وضع القيمة عند مالك والذهاب به إلى بلدك لحصول شبهة الثبوت وهو كالإيقاف . ونفقة العبد على من يقضى له به . قال غيره : إنما يوقف مثل ما شهد على عينه من الرقيق والحيوان والعروض لأن ذلك تحول وترك عينه ، وقال ابن القاسم : يوقف ما لا يؤمن تغييره ، والمأمون كالعقار والرباع ، وما له علة إنما يوقف وقفا يمنع فيه من الإحداث فيها ، والغلة للذي هي بيده ( . . . ) حتى تقضى المطالب . وقال سحنون : هذا إن كان هناك ( . . . ) وسارت إليه من مبتاع ، ومتى كان في إيقاف العبد ضرر استحلف المدعى عليه وسلمه إليه بغير كفيل ، وإن ادعى بينة حاضرة على حقه أوقف له نحو خمسة أيام ، وهذا التحديد لغير ابن القاسم ، قال غيره : إن ادعيت أو مستهلكا ( كذا ) وطلبت كفيلا سألك القاضي بينة على خلطة أو معاملة أو ظنة ، فإن ادعيت على الخلطة بينة قريبة وكل به حتى يبين اللطخ يوما ونحوه ، فإن أتيت بذلك وادعيت على الحق بينة بعيدة استحلفه وأطلقه بغير كفيل ، لعدم الشبهة في أصل الحق ، أو قريبة ألزمه كفيلا بوجهه إلى جميعه لا بالمال لعدم ثبوته ، كما يوقف الحيوان والعروض للحاجة للحضور للشهادة على عينه ، وما لا يحتاج إلى إحضاره لتشهد البينة على عينه لا [ ص: 18 ] يؤخذ فيه كفيل ، وفي النكت : نفقة العبد على من يقضى له به ، وقيل : إن لم يتطوع أحدهما بالنفقة وتشاحا فهي على من هو بيده ، لأنه على أصل ملكه ، فإن ثبت للآخر رجع عليه ، وإذا هلك الشيء الموقوف لأنك أقمت شاهدا ولم تحلف : قيل إما أن تحلف أو تغرم القيمة لأنك بسببك عرض للهلاك ، وأعيب قول من يقول : إنك تحلف ، لأن عندك هلاك ذلك الشيء فيكون يمينك قد ثبت لك ، ويجب رجوع المشتري على بائعه بالثمن ، لأنه لا يستقيم أن تحلف لحق ثبت لغيرك ، وإذا أوقف لتركته للشاهدين ، فخاف فساده ، فأقام شاهدا واحدا فالجواب سواء يباع بخلاف إذا أقام شاهدا واحدا عدلا وأبى أن يحلف وقال أي تأخر فخاف الحاكم فساده ، وإذا لم يثبت فيسلمه للمطلوب ، لأن الطالب قادر على إثبات حقه بيمينه مع شاهده ، وإذا لم تثبت عدالة الشاهدين ، وباعه الحاكم خوف الفساد يدفع الثمن للمدعى عليه وهو أقل بما شهدت به البينة التي كانت للمشتري ، فلا يقال للمشتري هاهنا : يخرج ، لأن البائع قد رجع إليه ثمن سلعته ، فهو كرجوع عينها إليه ، والمشتري يقول : لم أسلم المبيع ولا صح لي شيء فلا ثمن له قبلي ، قال ابن يونس : إذا ثبت القذف فادعى القاذف بينة قريبة تشهد أن المقذوف كما قال القاذف في السوق ونحوه ، حبسه عنده وأمره بإحضارها ، أو بعيدة جدا ، وإن جاء بالبينة بعد ذلك زالت عنه جرحة الحد ، وحد المقذوف ، وكذلك الجراح ، وما يكون في الأبدان يحبسه مع الشاهد ، ولا يأخذ به كفيلا ، ويسجن إذا شهد شاهد في العمد دون الخطأ لأن الدية على العاقلة ، ولا يؤخذ منه كفيل إلى تزكية الشاهد ، إلا أن يطلب الشهادة على عينه ، وإن كان الخطأ يوجب أقل من ثلث الدية أخذ منه كفيل ، لأنه مال عليه ، وأجاز ابن القاسم إقامة البينة على عبد غائب إذا وصفته وحليته ويقضى له به كالسلم ، ومنعه ابن كنانة لاحتمال وقوع الخلاف عند حضوره ، والذي قال في [ ص: 19 ] الكتاب : إن التحديد لغير ابن القاسم ، هو سحنون ، وهو المراد بعد ذلك بقوة ، وقال غيره : إنما توقف مثل ما شهد على عينه من الحيوان ، وقال سحنون : لا يوكل بالمطلوب إذا ادعيت بينة قريبة على اللطخ ، وأين يجد من يوكل بهذا وهذا ، بل يأخذ منه كفيلا حتى يأتي بالمطلوب ، قيل : وعلى قول سحنون إذا لم يجد كفيلا سجن . قال اللخمي : قال مالك العبد في الوقف ، ثم ثبت للمدعي فهو منه ، إلا أن تكون جارية والمشتري مقر بالوطء ، ولأنه لم يستبرئ فمن المشتري ، ولا يرجع بالثمن ، وعلى قوله : من المستحق ، تكون الغلة له ، وقال سحنون : المصيبة من المشتري حتى يحكم به للمستحق ، قال مالك : وإذا ادعى العبد أو الجارية الحرية ببينة غائبة لم يمكنا من طلبهما إلا أن يأتيا بما يشبه الحق ، ويأتي العبد بحميل فإن أتيا بشاهد واحد ، وادعيا أنه بعيد الغيبة لم يقبل بطلب شهودهما ، وإن كان سيد الجارية غير مأمون ، وقفت وضرب لها أجل الشهرين ونحوهما ، قال أصبغ : إن كانت من الوخش رأيتها مثل العبد ، ويخلى سبيلها تطلب إذا جاءت بحمل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية