الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                في التنبيهات : اختلفت الروايات فوقع سيده الغيبة وسقط بعينه في بعضها وهو الصحيح ، وهو أنه إذا عرف أنه مدبر أو حر ، قال ابن يونس : إن أراد سيده تركه في يد من حسب عليه يخدمه في ذلك ، فإن وفى والمدبر حي رجع مدبرا ، أو هلك قبل وفائه خرج من ثلثه ، وأتبع بباقي الثمن ، قال عبد الملك : اتباعه بحصة ما عتق إنما هو فيما اشتري من يد العدو ، وأما ما وقع في الغنائم فلا كالحر يقع في المقاسم لا يتبع ، وإن باعه العدو أتبع ، قال محمد : والقول ما قال عبد الملك ، وكذلك المكاتب . والمعتق إلى أجل لا يتبع إلا بما يتبع فيه الحر ، وجعل ابن القاسم أبا قر لدار الحرب بجناية فعلها إلا في قوله إذا لم يحمله الثلث رق باقيه لمشتريه ، وإن أريد السيد ولحق بدار الحرب دون المدبر ، ففي الكتاب : يوقف مدبره لموته فيعتق بعد موته كما يوقف مال الأسير ، وإذا [ ص: 240 ] وقف أنفق عليه من مال سيده ، وكذلك أم ولده بخلاف صغار ولده ; لأن الولد لا يرثه إن قل على ردته ، قال اللخمي : إذا لم يعرف سيد المدبر الواقع في المقاسم لم يبع وخدمته للجيش فإن افترقوا بيعت شيئا بعد شيء ، وعن ابن القاسم : يكون رقيقا لمشتريه ويبطل تدبيره ، وقال محمد : لمشتري خدمته حياة السيد وإن كثرت ، ولمالك في خيار الورثة إذا أسلمه قولان ، وهما يجريان في الغرماء : أن يدفعوا له باقي ثمنه ويباع لهم ، والقول الآخر أحسن ، والمبيع في المقاسم أقوى من الجاني ; لأن العبد القن لا يباع منه بقدر الثمن ، ويؤخذ الباقي ، وكذلك اتباعه بعد العتق ، والصحيح أن لا يتبع ; لأن المستحق منه بعد القسم مالك ، وحرية بالمالك لا ينزع إلا بالثمن . والمدبر قادر على أن يبين أنه مدبر فلم يفعل ، فهو كالحر يقع في المقاسم فيغر من نفسه ، وإن اشتري من أرض الحرب مدبر وأخرج ثم ثبت أنه مدبر وهو كان يظن أنه عبد ، وأسلمه سيده ثم مات وحمله الثلث ، لا يتبع بالباقي بخلاف الأول ; لأن من أخرج حرا من أرض الحرب له أن يتبعه بما اشتراه ، ولو قدم حربي بمدبر وأسلم عليه لم ينزع منه وكان له فيه ما لسيده فيه وهو الخدمة ; لأن الحربي يملك مال المسلم فإن مات الذي دبره والثلث يحمله عتق ، وولاؤه لمدبره ، وإن لم يكن له غيره عتق ثلثه ، ورق باقيه للحربي ، وإن كان على السيد دين يرقه رق كله له .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية