[ ص: 296 ] [ ص: 297 ] كتاب العدة .
قال
ابن يونس :
nindex.php?page=treesubj&link=18782إذا سألك أن تهب له دينارا ، فقلت : نعم ، ثم بدا لك ، قال
مالك : لا يلزمك ، ولو كان افتراق الغرماء على وعد وإشهاد لزمك لإبطالك مغرما بالتأخير ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : الذي يلزم من العدة : اهدم دارك وأنا أسلفك ، أو اخرج إلى الحج ، أو اشتر سلعة كذا ، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك ; لأنك أدخلته بوعدك في ذلك ، أما مجردا لوعد فلا يلزم ، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق ، وقال
أصبغ : إذا قال لك أريد أتزوج فأسلفني ، فقلت : نعم ، يقضى عليك ؛ تزوج أم لا ، وكذلك أعرني دابتك إلى موضع كذا لحاجة سماها ، أو أسلفني كذا لأشتري سلعة فقلت : نعم ، لزمك تسبب في ذلك أم لا ، وكذلك لو سألك في دين تعطيه لغرمائه فقلت : نعم ، قضى بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، والذي لا يلزم أن يقول أسلفني كذا وأعرني كذا من غير ذكر سبب ، فإذا قلت نعم لا يلزمك ، وإذا وعدت غريمك بتأخير الدين لزمك سواء قلت أؤخرك أو أخرتك ، وإذا أسلفته أخرته مدة تصلح لذلك ، وليس لك أن تأخذه منه في المجلس ، قال
مالك :
nindex.php?page=treesubj&link=27051إذا قلت للمشتري بع ولا نقصان عليك لزمك ويصدق فيما يشبه مع يمينه إن كان ذلك بعد البيع ، فإن اشترطه في أصل العقد قال
مالك : ليس بيعا فإن باع فله أجرته ; لأنها إجارة ، فإن أدرك قبل الفوت فسخ ، فإن فات المبيع فمصيبته من البائع ، وإن أعتقه المشتري نفذ عتقه بالقيمة ، أو أحبلها فهي أم أم
[ ص: 298 ] ولد ، ومضى البيع بالقيمة ; لأنها موضع خلاف فهو شبهة ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره : موت العبد مصيبته من المبتاع ، قال
ابن القاسم : إذا وطئها حبلت أم لا ، أو أعتقها ، أو وهب ، أو تصدق ، فهي عليه بالثمن ; لأن ذلك منه رضى بالثمن وهو القياس ؛ لأني إن جعلته أجيرا امتنع بيعه وهبته ، ولا تكون أم أم ولد ويحد ، وإن كان الشرط بعد عقد البيع فأبق العبد ، أو مات ، قال
ابن القاسم : يوضع عن المشتري ، وقيل : لا ، أما ذهاب الثوب فلا يصدق فيه إلا ببينة ، ويحرم وطء المشتري إذا رضي بهذا الشرط ، قال
ابن القاسم : إذا قال بعد العقد وقبل النقد بع ولا نقصان عليك وانقد امتنع ; لأنه قيمة عيوب وخصومات لا تقابل بالأعواض ، ويجوز بعد النقد ، فإن وجد الطعام مسوسا فسخطه فقلت بع ولا نقصان عليك فحمله في سفينته فغرقت فهو من البائع وللمشتري أجرته ، وقال
أشهب : إذا كان كرما فخفت الوضيعة فقلت بع وأنا أرضيك إن باع برأس المال فأكثر فلا شيء له ، أو بنقصان فعليك أن ترضيه فإن زعم أنه أراد شيئا سماه فهو ما أراد ، وإن لم يكن شيئا أرضاه بما شاء وحلف ما أراد أكثر منه يوم قال ذلك ، وقال
ابن وهب : يرضيه بما بينه وبين السلعة والوضيعة فيما يشبه الوضيعة في ثمن تلك السلعة ، قال صاحب البيان إذا قال أعرني دابتك إلى موضع كذا وسمى الحاجة يحكم عليه بالوفاء ، وكذلك وخرتك بالدين وأؤخرك به ، وكذلك قوله لك أن تسلفني كذا لأتزوج فلانة ، سمى أجلا للسلف أم لا ، قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم متى أدخلته بوعدك في لازم لزمك الوفاء نحو زوج ابنتك من فلان والصداق علي ، أو احلف أنك ما شتمتني ولك كذا فحلف .
[ ص: 299 ] تمهيد : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ، أو الوعد إذا أخلف قول لم يفعل ، وقال - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349495علامات المنافق إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف " ، فذكره في سياق الذم دليل التحريم ، ويروى قال - عليه السلام - : "
وأي المؤمن واجب ؟ " ، وهذه الأدلة تقتضي وجوب الوفاء مطلقا ، وفي الموطأ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349497قال رجل له أكذب لامرأتي ، فقال : لا خير في الكذب ، فقال يا رسول الله فأعدها وأقول لها ؟ ، فقال - عليه السلام - : " لا جناح عليك " ، فمنه الكذب المتعلق بالمستقبل ، فإن رضي النساء إنما يحصل به ، ونفي الجناح عن الوعد وهو يدل على أمرين ؛ أحدهما أن إخلاف الوعد لا يسمى كذبا بجعله قسيم الكذب ، وثانيهما أن إخلاف الوعد لا حرج فيه ، ولو كان المقصود الوعد الذي يفي به لما احتاج للسؤال عنه ولما ذكره مقرونا بالكذب ، ولأن قصده إصلاح حال امرأته بما لا يفعل فتخيل الحرج في ذلك فاستأذن عليه ، وفي
أبي داود قال - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349498إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه " ، فهذه الأدلة تقتضي عدم وجوب الوفاء بالوعد مطلقا ، عكس الأدلة الأولى ، ووجه الجمع أن يحمل اللزوم على ما إذا أدخله في سبب ملزم بوعده ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وابن القاسم ، أو وعده مقرونا بذكر سبب كما قاله أصبغ ، لتأكد العزم على الدفع حينئذ ، ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك ، مع أنه قد قيل في الآية أنها نزلت في قوم كانوا يقولون : جاهدنا وما جاهدوا وفعلنا أنواعا من الخيرات وما فعلوها ، ولا شك
[ ص: 300 ] أن هذا محرم ; لأنه كذب وتسميع بالطاعة وكلاهما معصية إجماعا ، وأما ذكر الإخلاف في صفة المنافق فمعناه أنها سجية ، ومقتضى حاله الإخلاف ، ومثل هذه السجية يحسن الذم بها ، فما تقول سجيته تقتضي المنع والبخل ، فمن كانت صفته تحث على الخير مدح بها ، أو تحثه على الذم ذم بها شرعا وعرفا .
[ ص: 296 ] [ ص: 297 ] كِتَابُ الْعِدَةِ .
قَالَ
ابْنُ يُونُسَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18782إِذَا سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَ لَهُ دِينَارًا ، فَقُلْتَ : نَعَمْ ، ثُمَّ بَدَا لَكَ ، قَالَ
مَالِكٌ : لَا يَلْزَمُكَ ، وَلَوْ كَانَ افْتِرَاقُ الْغُرَمَاءِ عَلَى وَعْدٍ وَإِشْهَادٍ لَزِمَكَ لِإِبْطَالِكَ مَغْرَمًا بِالتَّأْخِيرِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : الَّذِي يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ : اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ ، أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ ، أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا ، أَوْ تَزَوَّجِ امْرَأَةً وَأَنَا أُسَلِّفُكَ ; لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي ذَلِكَ ، أَمَّا مُجَرَّدًا لِوَعْدٍ فَلَا يَلْزَمُ ، بَلِ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : إِذَا قَالَ لَكَ أُرِيدُ أَتَزَوَّجُ فَأَسْلِفْنِي ، فَقُلْتَ : نَعَمْ ، يُقْضَى عَلَيْكَ ؛ تَزَوَّجَ أَمْ لَا ، وَكَذَلِكَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا لِحَاجَةٍ سَمَّاهَا ، أَوْ أَسْلِفْنِي كَذَا لِأَشْتَرِيَ سِلْعَةً فَقُلْتَ : نَعَمْ ، لَزِمَكَ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَكَ فِي دَيْنٍ تُعْطِيهِ لِغُرَمَائِهِ فَقُلْتَ : نَعَمْ ، قَضَى بِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالَّذِي لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ أَسْلِفْنِي كَذَا وَأَعِرْنِي كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ ، فَإِذَا قُلْتَ نَعَمْ لَا يَلْزَمُكَ ، وَإِذَا وَعَدْتَ غَرِيمَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَكَ سَوَاءٌ قُلْتَ أُؤَخِّرُكَ أَوْ أَخَّرْتُكَ ، وَإِذَا أَسْلَفْتَهُ أَخَّرْتَهُ مُدَّةً تَصْلُحُ لِذَلِكَ ، وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ ، قَالَ
مَالِكٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=27051إِذَا قُلْتَ لِلْمُشْتَرِي بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ لَزِمَكَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ ، فَإِنِ اشْتَرَطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ
مَالِكٌ : لَيْسَ بَيْعًا فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ أُجْرَتُهُ ; لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ ، فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْفَوْتِ فَسَخَ ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْبَائِعِ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ بِالْقِيمَةِ ، أَوْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أَمُّ أُمُّ
[ ص: 298 ] وَلَدٍ ، وَمَضَى الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ ; لِأَنَّهَا مَوْضِعُ خِلَافٍ فَهُوَ شُبْهَةٌ ، وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15136عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ : مَوْتُ الْعَبْدِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا وَطِئَهَا حَبِلَتْ أَمْ لَا ، أَوْ أَعْتَقَهَا ، أَوْ وَهَبَ ، أَوْ تَصَدَّقَ ، فَهِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًى بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنِّي إِنْ جَعَلْتُهُ أَجِيرًا امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ ، وَلَا تَكُونُ أَمَّ أُمَّ وَلَدٍ وَيُحَدُّ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ ، أَوْ مَاتَ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي ، وَقِيلَ : لَا ، أَمَّا ذَهَابُ الثَّوْبِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْمُشْتَرِي إِذَا رَضِيَ بِهَذَا الشَّرْطِ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ النَّقْدِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ وَانَقُدِ امْتَنَعَ ; لِأَنَّهُ قِيمَةُ عُيُوبٍ وَخُصُومَاتٍ لَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ ، وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّقْدِ ، فَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ مُسَوَّسًا فَسَخِطَهُ فَقُلْتَ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ فَحَمَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَتُهُ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِذَا كَانَ كَرْمًا فَخِفْتَ الْوَضِيعَةَ فَقُلْتَ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيكَ إِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، أَوْ بِنُقْصَانٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِيَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ ، وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ : يُرْضِيهِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّلْعَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِيمَا يُشْبِهُ الْوَضِيعَةَ فِي ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى الْحَاجَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ ، وَكَذَلِكَ وَخَّرْتُكَ بِالدَّيْنِ وَأُؤَخِّرُكَ بِهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَكَ أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا لِأَتَزَوَّجَ فُلَانَةً ، سَمَّى أَجَلًا لِلسَّلَفِ أَمْ لَا ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ مَتَّى أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي لَازِمٍ لَزِمَكَ الْوَفَاءُ نَحْوَ زَوِّجِ ابْنَتَكَ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَاقُ عَلَيَّ ، أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ مَا شَتَمْتَنِي وَلَكَ كَذَا فَحَلَفَ .
[ ص: 299 ] تَمْهِيدٌ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ، أَوِ الْوَعْدُ إِذَا أُخْلِفَ قَوْلٌ لَمْ يُفْعَلْ ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349495عَلَامَاتُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنُ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ " ، فَذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ الذَّمِّ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ ، وَيُرْوَى قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
وَأَيُّ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ ؟ " ، وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ مُطْلَقًا ، وَفِي الْمُوَطَّأِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349497قَالَ رَجُلٌ لَهُ أَكْذِبُ لِامْرَأَتِي ، فَقَالَ : لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعِدْهَا وَأَقُولُ لَهَا ؟ ، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : " لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ " ، فَمِنْهُ الْكَذِبُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ ، فَإِنْ رَضِيَ النِّسَاءُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ ، وَنَفْيُ الْجُنَاحِ عَنِ الْوَعْدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا يُسَمَّى كَذِبًا بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الْكَذِبِ ، وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا حَرَجَ فِيهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَعْدَ الَّذِي يَفِي بِهِ لَمَا احْتَاجَ لِلسُّؤَالِ عَنْهُ وَلَمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْكَذِبِ ، وَلِأَنَّ قَصْدَهُ إِصْلَاحُ حَالِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَفْعَلُ فَتَخَيَّلَ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، وَفِي
أَبِي دَاوُدَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349498إِذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " ، فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا ، عَكْسَ الْأَدِلَّةِ الْأُولَى ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُحْمَلَ اللُّزُومُ عَلَى مَا إِذَا أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ مُلْزِمٍ بِوَعْدِهِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ ، أَوْ وَعْدُهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ سَبَبٍ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ ، لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ ، وَيُحْمَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَقُولُونَ : جَاهَدْنَا وَمَا جَاهَدُوا وَفَعَلْنَا أَنْوَاعًا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَمَا فَعَلُوهَا ، وَلَا شَكَّ
[ ص: 300 ] أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَسْمِيعٌ بِالطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا مَعْصِيَةٌ إِجْمَاعًا ، وَأَمَّا ذِكْرُ الْإِخْلَافِ فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا سَجِيَّةٌ ، وَمُقْتَضَى حَالِهِ الْإِخْلَافُ ، وَمِثْلُ هَذِهِ السَّجِيَّةِ يَحْسُنُ الذَّمُّ بِهَا ، فَمَا تَقُولُ سَجِيَّتُهُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْبُخْلَ ، فَمَنْ كَانَتْ صِفَتُهُ تَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ مُدِحَ بِهَا ، أَوْ تَحُثُّهُ عَلَى الذَّمِّ ذُمَّ بِهَا شَرْعًا وَعُرْفًا .