الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 101 ] الركن الثالث : الصيغة : وفي الجواهر : صريحها : التحرير ، والإعتاق ، وفك الرقبة . والكناية : اذهب واعزب ، ونحو ذلك فلا تعمل إلا بنية العتق ، وألحق ابن القاسم بذلك : اسقني الماء ، وادخل الدار ، ونحوه إذا نوى العتق ، ولو قال حال المساومة : هذا عبد جيد حر لم يلزمه شيء لصرف القرينة إلى المدح ، قال صاحب القبس : إذا قال لعبده : هذا أبي ، هو كناية إن أراد به العتق عتق وقال ( ش ) : لا يعتق وإن نوى ، لأنها نية بغير لفظ ، وقال ( ح ) : يعتق وإن كان العبد أكبر منه سنا . لنا : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( الأعمال بالنيات ) .

                                                                                                                قاعدة : الصريح في كل باب : ما دل على الشيء بالوضع اللغوي أو الشرعي كما جاء ، ( فتحرير رقبة ) في الكتاب العزيز ، وفي السنة : ( من أعتق شركا له في عبد ) العتق ، والكناية : هي كل لفظ صح استعماله في ذلك المعنى مجازا ، نحو : اذهب ، فيحتمل الذهاب عن الملك وهو عتق من البيت وليس عتقا ، وهذان القسمان وافقنا فيهما الأئمة من حيث الجملة ، وخالفنا ( ش ) فيما لا يصح استعماله البتة ، وعندنا بعيد أنه وضع هذا اللفظ الآن ، وهو يمنع أن أجعل مثل هذا من المكلف سبب العتق ، ونحن نقيسه على الوضع الأصلى ، وجعل ( ش ) : أنت ، كناية ، ونحن نقول : كل ما كان صريحا في باب ، لا ينصرف إلى باب آخر بالنية ، وقاله ( ح ) ، ولم يثبت العتق . لنا : أن الصريح في باب ، نقله

                                                                                                                [ ص: 102 ] إلى باب آخر نسخ بالكلية ، بخلاف الكناية ، لأنه أحد محتمليها ، والنقل الخاص نحو : اسقني ، لأنه ليس إبطالا بسبب شرعي ، وهم نقلوا عنا العتق به ، لأنه إزالة لمطلق القيد ، فيزول فيعتق ، وقاله صاحب الجلاب وغيره منا فهو مستثنى من القاعدة في صرف الطلاق للعتاق كما تقدم ، ووافقنا ( ش ) وابن حنبل في : لا سلطان لي عليك ، وفي : أنت لله ، إذا نوى به العتق ، لأنه يقبله مجازا ، ومنع ( ح ) لأن الأول يقتضي عنده : لا خدمة لي عليك ، ولو صرح بذلك لم يعتق . والثاني ، لو قاله لامرأته لم تطلق ، والجواب : منع الحكم في الجميع ، ووافقنا ( ح ) في : وهبت منك نفسك ، وقال ( ش ) : إن قبل يعتق وإلا فلا ، لأنه إيجاب لا بد فيه من القبول ، لنا : أنه لفظ يقبل استعماله فيه مجازا فيصح كسائر الكنايات ، لأنه إذا ملكه نفسه فقد عتق ، والتعبير باللازم عن الملزوم مجاز عربي .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية