الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا يباع المدبر في حياة السيد في فلس ولا غيره إلا في دين قبل التدبير ، ويباع بعد الموت إذا اغترقه الدين تقدم التدبير أو تأخر ، ولا بصدقة لامرأة في مهرها لأنها بيع ، وإذا بيع فسخ بيعه فإن تعيب عند المبتاع فعليه ما نقصه ، ووافقنا ( ح ) ، وجوز ( ش ) وابن حنبل بيعه .

                                                                                                                لنا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يباع المدبر ولا يشترى ) وهو جزء من الثلث ، ونهي عن بيع المدبر ، ولأنه يستحق العتق بعد الموت فيمتنع البيع كأم الولد ، ولأنه آكد من المكاتب لعتقه بموت مولاه فيمتنع بيعه كالمكاتب ، ولأنه يعتق بالموت اتفاقا فإما أن يكون عتقا معلقا بشرط فلدخول الدار ، أو عتقا مستحقا قبل الموت .

                                                                                                                والأول باطل ; لأن المعلق يبطل بالموت فتعين أنه مستحق قبل الموت كالاستيلاد ، قيل : لا يسلم أنه فرع النسب . احتجوا بقوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) وبقوله [ ص: 229 ] تعالى : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وفي مسلم : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع مدبرا ) وهو معنى مشترك بين المدبرين ، ( ويروى أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه ، ولم يكن له مال غيره ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبيع بتسعمائة أو بثمانمائة ) ، وفي بعض الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( هو أحق بثمنه ) وفي بعضها : ( من يشتريه منه ؟ ) فاشتراه رجل منه بثمانمائة درهم ، فدفعه إليه ، ولأنه عتق معلق بالموت فيجوز بيعه كالموصى بعتقه ، ولأن عائشة - رضي الله عنها - دبرت جارية لها فسحرتها فباعتها ولا مخالف لها من الصحابة ، فكان إجماعا .

                                                                                                                والجواب عن الأول والثاني : أنهما مخصوصان بما رويناه ، وعن الثالث : أنه حر عين فيما تعين موضع الخلاف ، فإما يخير بين مدبرين إن دبر وعليه دين ، أو يلحقه دين بعد الموت ، ولعله منها أو باع خدمته مدة ، ولو لم يتعلق به حق لم يتعرض الإمام لبيعه فدل على أنه باعه في دين ، وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - باعه في دين ، وهو ظاهر بيعه له دون صاحبه ، ولأن خبرنا يفيد الحظر وخبركم يفيد الإباحة ، والحظر مقدم عليها وحمل خبركم على مذهبنا ، وحمل خبرنا على مذهبكم متعذر .

                                                                                                                وعن الرابع : الفرق بأن الموصى بعتقه يستأنف فيه العتق والمدبر تقرر عتقه في الحياة ، وعن الخامس : أنه مذهب لها أو لأنها سحرتها لتموت فسألتها فقالت : أردت أن أتعجل العتق فقد استحقت القتل ، والنزاع في البيع مع العصمة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية