الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولا فرق فيما تقدم من المسائل بين أن يقول : له في هذا العبد ألف ، وبين أن يقول : له من هذا العبد ألف ؛ لأنهما حرفا صفة يقوم أحدهما مقام الآخر وليست الألف جزءا من العبد ، وإنما يتوصل إليها من العبد فاستوى الحكم في قوله : " من " و " في " ، ولكن لو قال : له من هذا العبد بقيمة ألف ، فهذا إقرار بملك جزء من العبد قدره بقيمة ألف ، فهل يصير الإقرار مقدرا بالقيمة ، أو يرجع فيه إلى بيانه ؟ على وجهين : [ ص: 47 ] أحدهما : وهو الأصح عندي ، أنه يرجع فيه إلى بيانه ، ولا يصير مقدرا بالقيمة لأمرين : أحدهما : أن القيمة قد تختلف ، ولا تقف في الأحوال على حد ، ولا الناس فيها مجمعون على قدر فلم يجز أن يقدر الإقرار بها .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لا يصح أن يستأنف تملك شيء بقيمة مطلقة . فلهذين ما رجع إلى بيانه في القدر فإن بين قدرا يتقيم بألف ، أو أقل قبل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يقدر إقراره بالقيمة ، ذكره أبو القاسم الطبري وأن العبد يقيم فإن كانت قيمته أكثر من ألف ملك منه بقسط الألف وإن كانت قيمته ألفا ذكر بعض أصحابنا أنه لا يصير المقر له مالكا لجميع العبد ؛ لأن من يوجب التبعيض فلا بد من إخراج بعضه من إقراره وزعم أن الصحيح عنده أن يكون إقراره بجميع العبد استشهادا بقول الشافعي - رضي الله عنه - أن من قال : لفلان من هذا المال ألف وكان المال كله ألفا أنه إقرار بجميعه ، وأن " من " قد يكون للتبعيض تارة وللتمييز أخرى . قال الله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان [ الحج : 30 ] أي : اجتنب الأوثان الرجس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية