الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو ضمن له عهدة دار اشتراها وخلاصها واستحقت رجع بالثمن على الضامن إن شاء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : ضمان درك البيع جائز وهو الرجوع بالثمن عند استحقاقه وضمان الدرك ، والعهدة سواء في الحكم وإن اختلفا لفظا .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : سألت أبا حنيفة عن ضمان العهدة فقال : ما أدري ما العهدة ، العهدة الكتاب ، فكأنه أنكر أن يعبر عن ضمان الدرك بضمان العهدة وهذه عبارة قد ألفها الناس واتسعوا فيها فلا وجه لإنكارها مع أن إنكار العبارة مع الاعتراف بالحكم غير مؤثر .

                                                                                                                                            وقال أبو العباس بن سريج : ضمان الدرك باطل لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه ضمان ما لا يجب لتردده بين أن يستحق ، أو لا يستحق .

                                                                                                                                            [ ص: 81 ] والثاني : أنه ضمان مجهول لتردده بين استحقاق الكل ، أو البعض .

                                                                                                                                            وقال ابن أبي ليلى وزفر : إن ضمان الدرك بأمر البائع صح وإن ضمن بغير أمره بطل ، لالتزامه حكم عقده وهذا خطأ ، والدليل على جوازه مع أنه قول الجمهور أن ما دعت الضرورة إليه صح أن يرد الشرع به ، والضرورة تدعو إلى ضمان الدرك لما للناس من حاجة ماسة إلى التوثق في أموالهم ، وقد لا يوثق بذمة البائع لهوانها فاحتيج إلى التوثيق عليه بغيره ، والوثائق ثلاث : الشهادة ، والرهن ، والضمان .

                                                                                                                                            والشهادة إنما تقيد التوثيق من ذمته لا غير فلم تؤثر في هذا المقصود ، والرهن فيه استدامة ضرر لاحتباسه إلى مدة لا يعلم غايتها وأن البائع لا يصل إلى غرضه من الثمن إذا أعطاه رهانه وهذا الضرر زائل عن الضمان ، والتوثق المقصود حاصل به فدل على صحته وجوازه ، ولا يكون ضمانا موقوفا كما قال أبو العباس ؛ لأن المبيع إن كان مستحقا حين العقد فالضمان جائز وإن كان غير مستحق فلا ضمان فلم يتردد بين حال نظرا فيصير موقوفا ، ولا يكون ضمانا مجهولا ؛ لأن الثمن معلوم ويكون استحقاق بعضه مفضيا إلى جهالته كما يكون ضمانه إذا قامت للمضمون عنه بينة بأداء بعضه فسقوط الضمان فيه مفض إلى جهالته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية