الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 417 ] مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن تكارى إبلا بأعيانها ركبها ، وإن ذكر حمولة مضمونة ولم تكن بأعيانها ركب ما يحمله غير مضر به " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن كراء الإبل معين ومضمون ، فالمعين أن يكتري بعيرا بعينه قد رآه فيوقع العقد عليه ، وليس للراكب أن يستبدل به ولا للجمال إلا عن مراضاة ، فإن ظهر بالبعير عيب من صعوبة ظهر ، أو خشونة سير كان له الخيار في المقام أو الفسخ كما يفسخ بظهور العيب في بيوع الأعيان . فإن هلك البعير بطلت الإجارة وصار كانهدام الدار وموت العبد فيكون على ما مضى .

                                                                                                                                            وأما المضمون فهو أن يكتري منه ركوبة بعير لا يعينه ، أو حمولة مضمونة في ذمته ويختار أن يقول في العقد بعيرا من الإبل السمان المسان المذلل تأكيدا ، فإن أغفله صح العقد وعلى الجمال أن يحمله على بعير وطيء الظهر سهل السير ، فإن أركبه بعيرا خشن الظهر صعب السير فله مطالبة الجمال ببدله مما لا عيب في سيره كما يستبدل بالسلم المضمون إذا وجد به عيبا ، وهكذا لو مات البعير طالب بغيره ، ولو أراد الراكب والبعير وطيء الظهر سهل السير أن يطالبه بأوطأ منه وأسهل لم يكن له كما لم يكن له في السلم إذا دفع إليه على صفته أن يطالبه بما هو أجود فلو أراد الجمال أن يبدل البعير الذي قد استوطأه الراكب بغيره من الإبل الوطيئة ، فإن انزعج به الراكب أو استضر لم يكن له ، وإن لم ينزعج به جاز ولم يكن للراكب عليه اعتراض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية