الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر هذا ، فإن عقدت الإجارة على سنة لم يلزم تقسيط الأجرة على شهورها لما فيه من المشقة ؛ ولأن شهور السنة الواحدة في الغالب إنها متساوية ، والمؤاجرة فيها على حالة واحدة . وإن عقدت الإجارة على سنين كثيرة فهل يلزم تقسيط الأجرة على كل سنة منها أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            [ ص: 407 ] أحدهما : لا يلزم كما لا يلزم تقسيطها على الشهور والأيام ، وكما لا يلزم تقسيط الثمن على أعيان الصفقة وإن كثرت واختلفت .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن تقسيطها على سني الإجارة واجب وإن لم يجب تقسيطها على الشهور ، فإن لم يذكر قسط كل سنة بطلت الإجارة .

                                                                                                                                            ووجه ذلك أن عقد الإجارة غير منبرم بخلاف بيوع الأعيان المنبرمة لتردده بين السلامة ، والعطب ما لم يذكر قسط كل سنة منها ، وأجور السنين قد تختلف فيتعذر العلم بقدر ما يستحق الرجوع به من الأجرة عند انتقاض الإجارة في بعض المدة ، وليس كذلك شهور السنة المتماثلة غالبا .

                                                                                                                                            وهذان القولان كاختلاف قوليه في السلم إذا جمع أشياء مختلفة ، أو إلى آجال مختلفة هل يلزم تقسيط الثمن على كل جنس منها : لأن عقد السلم غير منبرم كالإجارة لتردده بين سلامة وعطب . فإن قيل : إن تقسيط الأجرة على السنين واجب جاز أن يساوي بين أجور السنين ويفاضل ، فإن بطلت الإجارة في بعض المدة رجع بالمسمى لها من الأجرة .

                                                                                                                                            وإن قيل : إن تقسيطها على السنين ليس بواجب فبطلت الإجارة في بعض المدة قدرت أجرة المثل فيما مضى من السنين وأجرة المثل فيما بقي ، وربما تفاضل ذلك بحسب الزمان أو بتغير المؤاجر ، ثم يقسط المسمى على ذلك وننظر حصة باقي المدة من المسمى فيكون هو القدر المرجوع به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية