الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا أجر الرجل حماما بالنصف من كسبه فسدت الإجارة للجهل بها ، ولو أجره بأجرة معلومة صحت ، وكانت العمارة على المؤجر ، ومؤنة الحطب والوقود على المستأجر : لأن العمارة من حقوق التمكين فاختص بها المؤجر فلو شرطت على المستأجر بطلت الإجارة ، ومؤنة الحطب والوقود من حقوق الاستيفاء فاختص بها المستأجر ، فلو شرطت على المؤجر بطلت الإجارة ، وقد يشترط الناس في وقتنا هذا في إجارة الحمامات ثلاثة شروط ، كل منها يفسد العقد .

                                                                                                                                            أحدها : أن يشترط على المستأجر ما احتاج الحمام إليه من بياض وسواد لينفرد المؤجر بما احتاج إليه من هدم وبناء ، وهذا يبطل الإجارة .

                                                                                                                                            والثاني : أن يشترط على المستأجر تعجيل سلف لا يقع به القضاء ليرد عليه عند انقضاء المدة إن لم يستأجر ثانية ، وهذا يبطل الإجارة .

                                                                                                                                            والثالث : أن يشترط المؤجر دخول الحمام هو وعياله بغير أجرة ، وهذا يبطل الإجارة ، فلو صحت الإجارة لخلوها من هذه الشروط الفاسدة فقل دخول الناس إليه ، فهذا على ثلاثة أضرب : [ ص: 444 ] أحدها : أن يكون لأمر يعود إلى المؤجر من خراب الحمام وشعثه ، فعلى المؤجر عمارة ما خرب وإصلاح ما تشعث ، ولا يؤخذ به جبرا ، فإن بادر إلى عمارته فلا خيار للمستأجر ، وإن لم يبادر إلى عمارته فالمستأجر بالخيار بين المقام والفسخ .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون لأمر يعود إلى المستأجر من قلة الحطب والماء ومراعاة الوقود ، فلا خيار للمستأجر لاختصاصه بالتزام ذلك إن شاء .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن لا ينسب ذلك إلى واحد منها ، فذلك ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون لمانع منه لفتنة حادثة أو لخراب الناحية ، فهذا عيب ، وللمستأجر الخيار .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون لرغبة عنه لحدوث ما هو أعمر منه ، فهذا ليس بعيب ، ولا خيار للمستأجر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية