الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 375 ] مسائل المزني رحمه الله

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله تعالى : " وهذه مسائل أجبت فيها على معنى قوله وقياسه وبالله التوفيق " .

                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " فمن ذلك لو ساقاه على نخل سنين معلومة على أن يعملا فيها جميعا لم يجز في معنى قوله قياسا على شرط المضاربة يعملان في المال جميعا فمعنى ذلك أنه أعانه معونة مجهولة الغاية بأجرة مجهولة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شرط العامل أن يعمل معه رب النخل في المساقاة ورب المال في المضاربة بطل العقد في المساقاة ، والمضاربة .

                                                                                                                                            واختلف أصحابنا في علة بطلانه ، فذهب المزني إلى أن العلة فيه اشتراكهما في العمل مع اختلافهما فيه يفضي إلى جهالة ما يستحق على العامل من عمله ، والعمل المجهول لا تصح عليه المعاوضة ، ولهذا المعنى بطلت شركة الأبدان لاختلاف عمل الشريكين .

                                                                                                                                            وهذا التعليل مدخول باشتراط عمل غلام رب المال ؛ لأن عمله مخالف لعمل العامل كما يخالف عمل سيده .

                                                                                                                                            وذهب أبو إسحاق المروزي إلى أن علة بطلانه أنه إذا شرط عمل رب النخل صار مستحقا للعوض على عمله وعمل غيره فبطل .

                                                                                                                                            وهذا مدخول بمثل ما دخل به تعليل المزني ويدخل على العلتين جميعا إذا ساقى رجلين .

                                                                                                                                            وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أن العلة فيه أن المساقاة ما تميز فيها رب النخل بالمال ، والعامل بالعمل ، فإذا شرط العمل على رب المال فسدت ، كما لو شرط المال على العامل بطلت ، لتغيير ما أوجبه العقد من أحكامه في المتعاقدين .

                                                                                                                                            وهذا التعليل أيضا مدخول بما ذكرنا من عمل غلمان رب النخل .

                                                                                                                                            والذي أذهب إليه أن تعليل بطلانه هو أن اشتراط عمل رب النخل فيها يقتضي لزوم ذلك ، والإنسان لا يلزمه العمل في ماله فصار هذا الشرط باطلا ، وأبطل ما شرطه فيه ، وليس عمل غلمانه مستحقا على بدنه ، وإنما هو حق تعلق بماله كما يتعلق به غير ذلك من الحقوق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية