الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 399 ] فصل : فإذا تقرر هذا فالإجارة تنفسخ بموت العبد وانهدام الدار ، وقال بعض أصحابنا تنفسخ بموت العبد لفوات منافعه من كل وجه ، ولا تنفسخ بانهدام الدار لإمكان المنفعة بالعرصة وهذا فاسد ؛ لأن العرصة ليست دارا من كل وجه ، ولا منفعتها منفعة دار وإنما هي أرض .

                                                                                                                                            وإذا كان كذلك فلا يخلو حال موت العبد وانهدام الدار من أن يكون في أول المدة ، أو بعد مضي بعضها فإن كان في أول المدة قبل مضي شيء منها فالإجارة في جميع المدة باطلة ويسترجع المستأجر أجرته إن كان قد أقبضها وإن كان موت العبد وانهدام الدار بعد مضي بعض المدة كأن مضى من سنة الإجارة نصفها وبقي نصفها فالإجارة في النصف الباقي من السنة باطلة .

                                                                                                                                            فأما النصف الماضي منها فقد اختلف أصحابنا فيه على حسب اختلافهم في الفساد الطارئ على بعض الصفقة هل يكون كالفساد المقارن للعقد فقال بعض أصحابنا هما سواء فيكون بطلان الإجارة فيما مضى من المدة على قولين من تفريق الصفقة .

                                                                                                                                            وقال آخرون وإن الفساد الطارئ على العقد مخالف للفساد المقارن للعقد فتكون الإجارة فيما مضى من المدة غير فاسدة قولا واحدا فإن قيل ببطلان الإجارة فيما مضى من المدة لزم المستأجر أجرة المثل في الماضي دون المسمى وإن قيل بصحة الإجارة فيما مضى فقد اختلف أصحابنا هل له الخيار في فسخه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار له لفواته على يده ، فعلى هذا إن كانت أجرة السنة كلها متساوية لتساوي العمل فيها فعليه نصف الأجرة المسماة لاستيفاء نصف العمل المستحق بنصف السنة المسماة وإن كان العمل فيها مختلفا ، والأجرة فيه مختلفة مثل أن تكون أجرة النصف الماضي من السنة مائة درهم وأجرة النصف الباقي خمسين درهما تقسطت الأجرة على العمل المختلف دون المدة وكان على المستأجر ثلثا الأجرة بمضي نصف المدة ؛ لأنها تقابل ثلثي العمل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن له الخيار لتفريق الصفقة عليه بين المقام على الإجارة فيما مضى وبين فسخها فيه .

                                                                                                                                            فإن أقام على الماضي لزمه من الأجرة ما ذكرناه من الحساب ، والقسط وكان بعض أصحابنا يخرج قولا آخر أنه يقيم بجميع الأجرة ، وإلا فسخ وهو قول من يجعل الفساد الطارئ كالفساد المقارن للعقد . وإن فسخ الإجارة في الماضي لزمه فيه أجرة المثل ؛ لأن الفسخ قد رفع العقد فسقط حكم المسمى فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية