الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما حمى الواحد من عوام المسلمين فمحظور وحماه مباح : لأنه إن حمى لنفسه فقد تحكم وتعدى بمنعه ، وإن حماه للمسلمين فليس من أهل الولاية عليهم ، ولا فيمن يؤثر اجتهاده لهم ، وقد روى أبو هانئ ، عن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تمانعوا فضل الماء ، ولا فضل الكلأ ، فيعزل الماء ويجوع العيال فلو أن رجلا من عوام المسلمين حمى مواتا ، ومنع الناس منه زمانا رعاه وحده ، ثم ظهر الإمام عليه ، ورفع يده عنه ، ولم يغرم ما رعاه : لأنه ليس لمالك ، ولا يعزره : لأنه أحد مستحقيه ونهاه عن مثل تعديه ، فأما أمير البلد ووالي الإقليم إذا رأى أن يحمي لمصالح المسلمين كالإمام فليس له ذلك إلا بإذن الإمام : لأن اجتهاد الإمام أعم ، ولكن لو أن والي الصدقات اجتمعت معه مواشي الصدقة وقل المرعى لها وخاف عليها التلف إن لم يحم الموات لها ، فإن منع الإمام من الحمى كان والي الصدقات أولى ، وإن جوز الإمام الحمى ففي جوازه لوالي الصدقات عندما ذكرنا من حدوث الضرورة به وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز كما يجوز من غير الضرورة ، فعلى هذا يتعزر الحمى بزمان الضرورة ، ولا يستديم بخلاف حمى الإمام .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجوز أن يحمي : لأنه ليس له أن يرفع الضرر عن أموال الفقراء [ ص: 485 ] بإدخال الضرر على الأغنياء ويكون الضرر إن كان بالفريقين معا ، وهذا أصح الوجهين ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية