الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : وإن أقر بثوب في منديل ، أو تمر في جراب فالوعاء للمقر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أقر بشيء في ظرف كقوله : له عندي ثوب في منديل ، أو حلي في حق ، أو جوهرة في درج ، أو سمن في عكة ، أو زيت في دبة فالإقرار يتناول الشيء دون ظرفه ويكون الظرف خارجا من إقراره .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يكون الظرف داخلا في إقراره . وأصحابه يحكون ذلك عن محمد ، وقال بعض فقهاء المدينة : إن كان المقر به ذائبا لا يستغني عن ظرف دخل الظرف في الإقرار ، وإن كان جامدا لم يدخل واستدلوا بأن لفظ الإقرار بقوله : عندي يقتضي تناول ما يعقبه وجاء بعده ، فإذا قال : ثوب في منديل ؛ صارا داخلين في إقراره ، ولم يكن : أحدهما بأن يكون مقصودا بالإقرار بأولى من الآخر ودليلنا هو أن الظرف شيئان :

                                                                                                                                            مكان ، ووعاء .

                                                                                                                                            فلما كان ظرف المكان لا يدخل في الإقرار كقوله : له عندي بغل في إسطبل ، أو عبد في دار وجب أن يكون ظرف الوعاء لا يدخل في الإقرار ، كقوله : له عندي ثوب في منديل ، وتحريره قياسا : أنه مجمل للمقر به فلم يدخل في إقراره كالمكان ، ولأن الإقرار لا يلزم بالاحتمال . وقد يحتمل أن يريد ثوبا في منديل لي ، وزيت في دبة لي ، ولأن الإقرار بالظرف لا يقتضي دخول ما فيه ، كذلك الإقرار بما في الظرف لا يقتضي دخوله فيه ؛ لانفصال أحدهما عن الآخر .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن استدلالهم بعد فساده لخروج المكان من إقراره وإن كان متصلا بلفظه أن الاحتمال ينتفي عن الشيء الذي أقر به فلزم ، ولا ينتفي عن الظرف فلم يلزم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية