الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( صبر ) * في أسماء الله تعالى : " الصبور " . هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام ، وهو من أبنية المبالغة ، ومعناه قريب من معنى الحليم ، والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم .

                                                          ومنه الحديث : لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل . أي : أشد حلما عن فاعل ذلك وترك المعاقبة عليه .

                                                          ( س ) وفي حديث الصوم : " صم شهر الصبر " . هو شهر رمضان . وأصل الصبر : الحبس ، فسمي الصوم صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح .

                                                          [ ص: 8 ] ( هـ ) وفيه : أنه نهى عن قتل شيء من الدواب صبرا . هو أن يمسك شيء من ذوات الروح حيا يرمى بشيء حتى يموت .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : نهى عن المصبورة ، ونهى عن صبر ذي الروح .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث في الذي أمسك رجلا وقتله آخر [ فقال ] : " اقتلوا القاتل واصبروا الصابر " . أي : احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به . وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صبرا .

                                                          ومنه حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - : أن رسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صبر الروح . وهو الخصاء . والخصاء صبر شديد .

                                                          ( س ) وفيه : " من حلف على يمين مصبورة كاذبا " .

                                                          ( س ) وفي حديث آخر : " من حلف على يمين صبر " . أي : ألزم بها وحبس عليها ، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم . وقيل : لها مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور ; لأنه إنما صبر من أجلها . أي : حبس ، فوصفت بالصبر ، وأضيفت إليه مجازا .

                                                          ( س ) وفيه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طعن إنسانا بقضيب مداعبة فقال له : أصبرني قال : اصطبر " . أي : أقدني من نفسك . قال : استقد . يقال : صبر فلان من خصمه واصطبر . أي : اقتص منه . وأصبره الحاكم . أي : أقصه من خصمه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عثمان حين ضرب عمارا - رضي الله عنهما - فلما عوتب قال : " هذه يدي لعمار فليصطبر " .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى : وكان عرشه على الماء . قال : كان يصعد بخار من الماء إلى السماء ، فاستصبر فعاد صبيرا ، فذلك قوله : ثم استوى إلى السماء وهي دخان . الصبير : سحاب أبيض متراكب متكاثف ، يعني تكاثف البخار وتراكم فصار سحابا .

                                                          [ ص: 9 ] ( هـ ) ومنه حديث طهفة : " ونستحلب الصبير " .

                                                          وحديث ظبيان : " وسقوهم بصبير النيطل " . أي : بسحاب الموت والهلاك .

                                                          وفيه : " من فعل كذا وكذا كان له خيرا من صبير ذهبا " . هو اسم جبل باليمن . وقيل : إنما هو مثل جبل صير ، بإسقاط الباء الموحدة ، وهو جبل لطيئ . وهذه الكلمة جاءت في حديثين لعلي ومعاذ : أما حديث علي فهو صير ، وأما رواية معاذ فصبير ، كذا فرق بينهما بعضهم .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الحسن : " من أسلف سلفا فلا يأخذن رهنا ولا صبيرا " . الصبير : الكفيل . يقال صبرت به أصبر بالضم .

                                                          وفيه : " أنه مر في السوق على صبرة طعام فأدخل يده فيها " . الصبرة : الطعام المجتمع كالكومة ، وجمعها صبر . وقد تكررت في الحديث مفردة ومجموعة .

                                                          ومنه حديث عمر : " دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن عند رجليه قرظا مصبورا " . أي : مجموعا قد جعل صبرة كصبرة الطعام .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن مسعود : " سدرة المنتهى صبر الجنة " . أي : أعلى نواحيها . وصبر كل شيء أعلاه .

                                                          وفي حديث علي - رضي الله عنه - : " قلتم هذه صبارة القر " . هي - بتشديد الراء - : شدة البرد وقوته ، كحمارة القيظ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية