الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عدا ) ( هـ ) فيه : " لا عدوى ولا صفر " . قد تكرر ذكر العدوى في الحديث . العدوى : اسم من الإعداء ، كالرعوى والبقوى ، من الإرعاء والإبقاء . يقال : أعداه الداء يعديه إعداء ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء . وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بإبل أخرى حذارا أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه . وقد أبطله الإسلام ; لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى ، فأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس الأمر كذلك ، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الداء . ولهذا قال في بعض الأحاديث : " فمن أعدى البعير الأول ؟ " . أي : من أين صار فيه الجرب ؟ [ ص: 193 ] ( هـ ) وفيه : " ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم " . العادي : الظالم . وقد عدا يعدو عليه عدوانا . وأصله من تجاوز الحد في الشيء .

                                                          * ومنه الحديث : " ما يقتله المحرم كذا وكذا ، والسبع العادي " . أي : الظالم الذي يفترس الناس .

                                                          * ومنه حديث قتادة بن النعمان : " أنه عدي عليه " . أي : سرق ماله وظلم .

                                                          * ومنه الحديث : " كتب ليهود تيماء أن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء " . العداء بالفتح والمد : الظلم وتجاوز الحد .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : " المعتدي في الصدقة كمانعها " . وفي رواية : " في الزكاة " . هو أن يعطيها غير مستحقها . وقيل : أراد أن الساعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في السنة الأخرى فيكون الساعي سبب ذلك ، فهما في الإثم سواء .

                                                          * ومنه الحديث : " سيكون قوم يعتدون في الدعاء " . هو الخروج فيه عن الوضع الشرعي والسنة المأثورة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر : " أنه أتي بسطيحتين فيهما نبيذ ، فشرب من إحداهما وعدى عن الأخرى " . أي : تركها لما رابه منها . يقال : عد عن هذا الأمر . أي : تجاوزه إلى غيره .

                                                          ( س ) ومنه حديثه الآخر : " أنه أهدي له لبن بمكة فعداه " . أي : صرفه عنه .

                                                          * وفي حديث علي - رضي الله عنه - : " لا قطع على عادي ظهر " .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عبد العزيز : " أنه أتي برجل قد اختلس طوقا فلم ير قطعه وقال : تلك عادية الظهر " . العادية : من عدا يعدو على الشيء إذا اختلسه . والظهر : ما ظهر من الأشياء . لم ير في الطوق قطعا لأنه ظاهر على المرأة والصبي .

                                                          ( هـ ) وفيه : " إن السلطان ذو عدوان وذو بدوان " . أي : سريع الانصراف والملال ، من قولك : ما عداك . أي : ما صرفك ؟ [ ص: 194 ] ( هـ ) ومنه حديث علي : " قال لطلحة يوم الجمل : " عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا ؟ " . لأنه بايعه بالمدينة وجاء يقاتله بالبصرة . أي : ما الذي صرفك ومنعك وحملك على التخلف بعدما ظهر منك من الطاعة والمتابعة . وقيل : معناه ما بدا لك مني فصرفك عني ؟ ( هـ ) وفي حديث لقمان : " أنا لقمان بن عاد لعادية لعاد " . العادية : الخيل تعدو . والعادي : الواحد ، . أي : أنا للجمع والواحد . وقد تكون العادية الرجال يعدون .

                                                          ( س ) ومنه حديث خيبر : " فخرجت عاديتهم " . أي : الذين يعدون على أرجلهم .

                                                          ( هـ ) وفي حديث حذيفة : " أنه خرج وقد طم رأسه وقال : إن تحت كل شعرة [ لا يصيبها الماء ] جنابة ، فمن ثم عاديت رأسي كما ترون " . طمه . أي : استأصله ليصل الماء إلى أصول شعره .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث حبيب بن مسلمة : " لما عزله عمر عن حمص قال : رحم الله عمر ينزع قومه ويبعث القوم العدى " . العدى بالكسر : الغرباء والأجانب والأعداء . فأما بالضم فهم الأعداء خاصة . أراد أنه يعزل قومه من الولايات ويولي الغرباء والأجانب .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن الزبير وبناء الكعبة : " وكان في المسجد جراثيم وتعاد " . أي : أمكنة مختلفة غير مستوية .

                                                          * وفي حديث الطاعون : " لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عدوتان " . العدوة بالضم والكسر : جانب الوادي .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أبي ذر : " فقربوها إلى الغاية تصيب من أثلها وتعدو في الشجر " يعني : [ ص: 195 ] الإبل . أي : ترعى العدوة ، وهي الخلة ، ضرب من المرعى محبوب إلى الإبل . وإبل عادية وعواد إذا رعته .

                                                          ( س ) وفي حديث قس : " فإذا شجرة عادية " . أي : قديمة كأنها نسبت إلى عاد ، وهم قوم هود النبي - صلى الله عليه وسلم - . وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم .

                                                          * ومنه كتاب علي - رضي الله عنه - إلى معاوية : " لم يمنعنا قديم عزنا وعادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا " .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية