الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 242 ] ( عشا ) ( هـ ) فيه : " احمدوا الله الذي رفع عنكم العشوة " . يريد ظلمة الكفر . والعشوة بالضم والفتح والكسر : الأمر الملتبس ، وأن يركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ، مأخوذ من عشوة الليل ، وهي ظلمته . وقيل : هي من أوله إلى ربعه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : " حتى ذهب عشوة من الليل " .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن الأكوع : " فأخذ عليهم بالعشوة " . أي : بالسواد من الليل ، ويجمع على عشوات .

                                                          * ومنه حديث علي : " خباط عشوات " . أي : يخبط في الظلام والأمر الملتبس فيتحير .

                                                          [ هـ ] وفيه : " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان في سفر فاعتشى في أول الليل " . أي : سار وقت العشاء ، كما يقال : استحر وابتكر .

                                                          * وفيه : " صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي فسلم من اثنتين " . يريد صلاة الظهر أو العصر ; لأن ما بعد الزوال إلى المغرب عشي . وقيل : العشي من زوال الشمس إلى الصباح . وقد تكرر في الحديث .

                                                          وقيل : لصلاة المغرب والعشاء : العشاآن ، ولما بين المغرب والعتمة : عشاء .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : " إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء " . العشاء - بالفتح - : الطعام الذي يؤكل عند العشاء . وأراد بالعشاء صلاة المغرب . وإنما قدم العشاء لئلا يشتغل به قلبه في الصلاة . وإنما قيل : إنها المغرب لأنها وقت الإفطار ، ولضيق وقتها .

                                                          * وفي حديث الجمع بعرفة : " صلى الصلاتين كل صلاة وحدها والعشاء بينهما " . أي : أنه تعشى بين الصلاتين .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن عمر : " أن رجلا سأله فقال : كما لا ينفع مع الشرك عمل فهل يضر مع الإسلام ذنب ؟ فقال ابن عمر : عش ولا تغتر ، ثم سأل ابن عباس فقال مثل ذلك " . [ ص: 243 ] هذا مثل للعرب تضربه في التوصية بالاحتياط والأخذ بالحزم . وأصله أن رجلا أراد أن يقطع بإبله مفازة ولم يعشها ، ثقة على ما فيها من الكلأ ، فقيل له : عش إبلك قبل الدخول فيها ، فإن كان فيها كلأ لم يضرك ، وإن لم يكن كنت قد أخذت بالحزم . أراد ابن عمر : اجتنب الذنوب ولا تركبها ، وخذ بالحزم ولا تتكل على إيمانك .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عمير : " ما من عاشية أشد أنقا ولا أطول شبعا من عالم من علم " . العاشية : التي ترعى بالعشي من المواشي وغيرها . يقال : عشيت الإبل وتعشت ، المعنى أن طالب العلم لا يكاد يشبع منه ، كالحديث الآخر : " منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا " .

                                                          * وفي كتاب أبي موسى : " ما من عاشية أدوم أنقا ولا أبعد ملالا من عاشية علم " وفسره فقال : العشو : إتيانك نارا ترجو عندها خيرا . يقال : عشوته أعشوه فأنا عاش من قوم عاشية ، وأراد بالعاشية هاهنا : طالبي العلم الراجين خيره ونفعه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث جندب الجهني : " فأتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية " . هي تصغير عشية على غير قياس ، أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصلها : عشيية . يقال : أتيته عشيشية ، وعشيانا ، وعشيانة ، وعشيشيانا .

                                                          * وفي حديث ابن المسيب : " أنه ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى " . أي : يبصر بها بصرا ضعيفا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية