الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( غبط ) ( هـ ) فيه " أنه سئل : هل يضر الغبط ؟ قال : لا ، إلا كما يضر العضاه الخبط " الغبط : حسد خاص . يقال : غبطت الرجل أغبطه غبطا ، إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ما له ، [ ص: 340 ] وأن يدوم عليه ما هو فيه . وحسدته أحسده حسدا ، إذا اشتهيت أن يكون لك ما له ، وأن يزول عنه ما هو فيه . فأراد - عليه السلام - أن الغبط لا يضر ضرر الحسد ، وأن ما يلحق الغابط من الضرر الراجع إلى نقصان الثواب دون الإحباط بقدر ما يلحق العضاه من خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها ، ولأنه يعود بعد الخبط ، وهو وإن كان فيه طرف من الحسد ، فهو دونه في الإثم .

                                                          * ومنه الحديث على منابر من نور يغبطهم أهل الجمع .

                                                          والحديث الآخر يأتي على الناس زمان يغبط الرجل بالوحدة كما يغبط اليوم أبو العشرة يعني أن الأئمة في صدر الإسلام يرزقون عيال المسلمين وذراريهم من بيت المال ، فكان أبو العشرة مغبوطا بكثرة ما يصل إليه من أرزاقهم ، ثم يجيء بعدهم أئمة يقطعون ذلك عنهم ، فيغبط الرجل بالوحدة ; لخفة المؤونة ، ويرثى لصاحب العيال .

                                                          * ومنه حديث الصلاة أنه جاء وهم يصلون في جماعة ، فجعل يغبطهم هكذا روي بالتشديد : أي يحملهم على الغبط ، ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه ، وإن روي بالتخفيف فيكون قد غبطهم لتقدمهم وسبقهم إلى الصلاة .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث اللهم غبطا لا هبطا أي أولنا منزلة نغبط عليها ، وجنبنا منازل الهبوط والضعة .

                                                          وقيل : معناه نسألك الغبطة ، وهي النعمة والسرور ، ونعوذ بك من الذل والخضوع .

                                                          وفي حديث ابن ذي يزن " كأنها غبط في زمخر " الغبط : جمع غبيط ، وهو الموضع الذي يوطأ للمرأة على البعير ، كالهودج يعمل من خشب وغيره ، وأراد به هاهنا أحد أخشابه ، شبه به القوس في انحنائها .

                                                          [ ص: 341 ] ( هـ ) وفي حديث مرضه الذي قبض فيه أنه أغبطت عليه الحمى أي لزمته ولم تفارقه ، وهو من وضع الغبيط على الجمل . وقد أغبطته عليه إغباطا .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي وائل " فغبط منها شاة فإذا هي لا تنقي " أي جسها بيده . يقال : غبط الشاة إذا لمس منها الموضع الذي يعرف به سمنها من هزالها . وبعضهم يرويه بالعين المهملة ، فإن كان محفوظا فإنه أراد به الذبح . يقال : اعتبط الإبل والغنم إذا نحرها لغير داء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية