الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عبط ) [ هـ ] فيه : " من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قود " . أي : قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله ، فإن القاتل يقاد به ويقتل . وكل من مات بغير علة فقد اعتبط . ومات فلان عبطة . أي : شابا صحيحا . وعبطت الناقة واعتبطتها إذا ذبحتها من غير مرض .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا . هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود . ثم قال في آخر الحديث : " قال خالد بن دهقان - وهو راوي الحديث - سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله : " اعتبط بقتله " قال : الذين يقاتلون في الفتنة ( فيقتل أحدهم ) فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله منه " . وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة بالغين المعجمة ، وهي الفرح والسرور وحسن الحال ; لأن القاتل يفرح بقتل خصمه ، فإذا كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله دخل في هذا الوعيد .

                                                          وقال الخطابي : " في معالم السنن " ، وشرح هذا الحديث فقال : اعتبط قتله . أي : قتله ظلما لا عن قصاص . وذكر نحو ما تقدم في الحديث قبله ، ولم يذكر قول خالد ولا تفسير يحيى بن يحيى .

                                                          * ومنه حديث عبد الملك بن عمير : " معبوطة نفسها " . أي : مذبوحة ، وهي شابة صحيحة .

                                                          * ومنه شعر أمية :

                                                          من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس والمرء ذائقها

                                                          ( هـ ) وفيه : " فقاءت لحما عبيطا " . العبيط : الطري غير النضيج .

                                                          * ومنه حديث عمر : " فدعا بلحم عبيط " . أي : طري غير نضيج ، هكذا روي وشرح .

                                                          [ ص: 173 ] والذي جاء في غريب الخطابي على اختلاف نسخه : " فدعا بلحم غليظ " . بالغين والظاء المعجمتين ، يريد لحما خشنا عاسيا لا ينقاد في المضغ ، وكأنه أشبه .

                                                          ( هـ ) وفيه : " مري بنيك لا يعبطوا ضروع الغنم " . أي : لا يشددوا الحلب فيعقروها ويدموها بالعصر ، من العبيط ; وهو الدم الطري ، ولا يستقصون حلبها حتى يخرج الدم بعد اللبن . والمراد : أن لا يعبطوها ، فحذف أن وأعملها مضمرة ، وهو قليل ، ويجوز أن تكون لا ناهية بعد أمر ، فحذف النون للنهي .

                                                          ( س ) وفي حديث عائشة : " قالت : فقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا كان يجالسه فقالوا : اعتبط ، فقال : قوموا بنا نعوده " . كانوا يسمون الوعك اعتباطا . يقال : عبطته الدواهي إذا نالته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية