الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عما ) [ هـ ] في حديث أبي رزين قال : يا رسول الله ، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه ؟ فقال : كان في عماء ، تحته هواء وفوقه هواء العماء بالفتح والمد : السحاب . قال أبو عبيد : لا يدرى كيف كان ذلك العماء .

                                                          وفي رواية " كان في عما " بالقصر ، ومعناه ليس معه شيء .

                                                          وقيل : هو كل أمر لا تدركه عقول بني آدم ، ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن .

                                                          ولابد في قوله : أين كان ربنا من مضاف محذوف ، كما حذف في قوله تعالى : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ونحوه ، فيكون التقدير : أين كان عرش ربنا ؟ . ويدل عليه قوله تعالى : وكان عرشه على الماء .

                                                          قال الأزهري : نحن نؤمن به ولا نكيفه بصفة : أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل .

                                                          ومنه حديث الصوم فإن عمي عليكم هكذا جاء في رواية ، قيل : هو من العماء : السحاب الرقيق : أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته .

                                                          وفي حديث الهجرة لأعمين على من ورائي من التعمية والإخفاء والتلبيس ، حتى لا يتبعكما أحد .

                                                          ( هـ س ) وفيه من قتل تحت راية عمية فقتلته جاهلية قيل : هو فعيلة ، من العماء : الضلالة ، كالقتال في العصبية والأهواء . وحكى بعضهم فيها ضم العين .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الزبير " لئلا نموت ميتة عمية " أي ميتة فتنة وجهالة .

                                                          [ ص: 305 ] * ومنه الحديث من قتل في عميا في رمي يكون بينهم فهو خطأ وفي رواية في عمية في رميا تكون بينهم بالحجارة فهو خطأ العميا بالكسر والتشديد والقصر : فعيلى من العمى ، كالرميا من الرمي ، والخصيصى من التخصيص ، وهي مصادر . والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قاتله ، فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدية .

                                                          * ومنه الحديث الآخر ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما في عمياء في غير ضغينة أي في غير جهالة من غير حقد وعداوة . والعمياء : تأنيث الأعمى ، يريد بها الضلالة والجهالة .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث تعوذوا بالله من الأعميين هما السيل والحريق ; لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره ، أو لأنهما إذا حدثا ووقعا لا يبقيان موضعا ولا يتجنبان شيئا ، كالأعمى الذي لا يدري أين يسلك ، فهو يمشي حيث أدته رجله .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث سلمان " سئل ما يحل لنا من ذمتنا ؟ فقال : من عماك إلى هداك " أي إذا ضللت طريقا أخذت منهم رجلا حتى يقفك على الطريق . وإنما رخص سلمان في ذلك ; لأن أهل الذمة كانوا صولحوا على ذلك وشرط عليهم ، فأما إذا لم يشرط فلا يجوز إلا بالأجرة .

                                                          وقوله : " من ذمتنا " : أي من أهل ذمتنا .

                                                          ( س ) وفيه إن لنا المعامي يريد الأرض المجهولة الأغفال التي ليس فيها أثر عمارة ، واحدها : معمى ، وهو موضع العمى ، كالمجهل .

                                                          * وفي حديث أم معبد " تسفهوا عمايتهم " العماية : الضلالة ، وهي فعالة من العمى .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظهيرة صكة عمي يريد أشد الهاجرة . يقال : لقيته صكة عمي : أي نصف النهار في شدة الحر ، ولا يقال إلا في القيظ ; لأن الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس . وقد تقدم مبسوطا في حرف الصاد .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أبي ذر " أنه كان يغير على الصرم في عماية الصبح " أي في بقية ظلمة الليل .

                                                          [ ص: 306 ] ( هـ ) وفيه مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين ، تعمو إلى هذه مرة وإلى هذه مرة يقال : عما يعمو إذا خضع وذل ، مثل عنا يعنو ، يريد أنها كانت تميل إلى هذه وإلى هذه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية