الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( فرق ) ( س هـ ) في حديث عائشة " أنه كان يغتسل من إناء يقال له الفرق " الفرق بالتحريك : مكيال يسع ستة عشر رطلا ، وهي اثنا عشر مدا ، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز .

                                                          وقيل : الفرق خمسة أقساط ، والقسط : نصف صاع ، فأما الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلا .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " ما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام " .

                                                          ( هـ ) والحديث الآخر " من استطاع أن يكون كصاحب فرق الأرز فليكن مثله " .

                                                          [ ص: 438 ] ( س ) ومنه الحديث " في كل عشرة أفرق عسل فرق " الأفرق : جمع قلة لفرق ، مثل جبل وأجبل .

                                                          ( س ) وفي حديث بدء الوحي " فجئثت منه فرقا " الفرق بالتحريك : الخوف والفزع . يقال : فرق يفرق فرقا .

                                                          ( س ) ومنه حديث أبي بكر " أبالله تفرقني ؟ " أي : تخوفني .

                                                          ( هـ ) وفي صفته عليه الصلاة والسلام " إن انفرقت عقيصته فرق " أي إن صار شعره فرقين بنفسه في مفرقه تركه ، وإن لم ينفرق لم يفرقه .

                                                          ( س ) وفي حديث الزكاة " لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة " قد تقدم شرح هذا في حرف الجيم والخاء مبسوطا .

                                                          وذهب أحمد إلى أن معناه : لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان لقوله : " لا يجمع بين متفرق " ; ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه . ولو كانت له إبل في بلدان شتى ; إن جمعت وجبت فيها الزكاة ، وإن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء .

                                                          ( س ) وفيه البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وفي رواية " ما لم يفترقا " اختلف الناس في التفرق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه ، فقيل : هو التفرق بالأبدان ، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين ، وبه قال الشافعي وأحمد .

                                                          وقال أبو حنيفة ومالك وغيرهما : إذا تعاقدا صح البيع وإن لم يتفرقا .

                                                          وظاهر الحديث يشهد للقول الأول ، فإن رواية ابن عمر في تمامه " أنه كان إذا بايع رجلا فأراد [ ص: 439 ] أن يتم البيع مشى خطوات حتى يفارقه " وإذا لم يجعل التفرق شرطا في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة ، فإنه يعلم أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار ، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه قبل عقد البيع .

                                                          والتفرق والافتراق سواء ، ومنهم من يجعل التفرق بالأبدان ، والافتراق في الكلام . يقال : فرقت بين الكلامين فافترقا ، وفرقت بين الرجلين فتفرقا .

                                                          * ومنه حديث ابن مسعود " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر وعمر ثم تفرقت بكم الطرق " أي ذهب كل منكم إلى مذهب ومال إلى قول وتركتم السنة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمر " فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين " يقول : إذا اشتريتم الرقيق أو غيره من الحيوان فلا تغالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأس الواحد رأسين ، فإن مات الواحد بقي الآخر ، فكأنكم قد فرقتم مالكم عن المنية .

                                                          * وفي حديث ابن عمر " كان يفرق بالشك ويجمع باليقين " يعني في الطلاق ، وهو أن يحلف الرجل على أمر قد اختلف الناس فيه ولا يعلم من المصيب منهم ، فكان يفرق بين الرجل والمرأة احتياطا فيه وفي أمثاله من صور الشك ، فإن تبين له بعد الشك اليقين جمع بينهما .

                                                          * وفيه من فارق الجماعة فميتته جاهلية معناه كل جماعة عقدت عقدا يوافق الكتاب والسنة فلا يجوز لأحد أن يفارقهم في ذلك العقد ، فإن خالفهم فيه استحق الوعيد . ومعنى قوله : " فميتته جاهلية " : أي يموت على ما مات عليه أهل الجاهلية من الضلال والجهل .

                                                          * وفي حديث فاتحة الكتاب ما أنزل في التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا في الفرقان مثلها الفرقان من أسماء القرآن : أي أنه فارق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام . يقال : فرقت بين الشيئين أفرق فرقا وفرقانا .

                                                          * ومنه الحديث " محمد فرق بين الناس " أي يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث في صفته عليه الصلاة والسلام " أن اسمه في الكتب السالفة فارق ليطا " أي يفرق بين الحق والباطل .

                                                          [ ص: 440 ] * وفي حديث ابن عباس " فرق لي رأي " أي بدا وظهر . وقال بعضهم : الرواية " فرق " على ما لم يسم فاعله .

                                                          * وفي حديث عثمان " قال لخيفان : كيف تركت أفاريق العرب ؟ " الأفاريق : جمع أفراق ، وأفراق : جمع فرق ، والفرق والفريق والفرقة بمعنى .

                                                          ( هـ ) وفيه ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم ؟ الفريقة : القطعة من الغنم تشذ عن معظمها . وقيل : هي الغنم الضالة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي ذر " سئل عن ماله فقال : فرق لنا وذود " الفرق : القطعة من الغنم .

                                                          * ومنه حديث طهفة " بارك لهم في مذقها وفرقها " وبعضهم يقوله بفتح الفاء ، وهو مكيال يكال به اللبن .

                                                          ( س ) وفيه تأتي البقرة وآل عمران كأنهما فرقان من طير صواف أي قطعتان .

                                                          * وفيه " عدوا من أفرق من الحي " أي برأ من الطاعون . يقال : أفرق المريض من مرضه إذا أفاق . وقيل : إن ذلك لا يقال إلا في علة تصيب الإنسان مرة ، كالجدري والحصبة .

                                                          * وفيه " أنه وصف لسعد في مرضه الفريقة " هي تمر يطبخ بحلبة ، وهو طعام يعمل للنفساء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية