الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 50 ] ( صلا ) * قد تكرر فيه ذكر : " الصلاة والصلوات " . وهي العبادة المخصوصة ، وأصلها في اللغة الدعاء فسميت ببعض أجزائها . وقيل : إن أصلها في اللغة التعظيم . وسميت العبادة المخصوصة صلاة لما فيها من تعظيم الرب تعالى . وقوله في التشهد الصلوات لله . أي : الأدعية التي يراد بها تعظيم الله تعالى ، هو مستحقها لا تليق بأحد سواه . فأما قولنا : اللهم صل على محمد ، فمعناه : عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره ، وإظهار دعوته ، وإبقاء شريعته ، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته ، وتضعيف أجره ومثوبته . وقيل : المعنى لما أمر الله - سبحانه - بالصلاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله ، وقلنا : اللهم صل أنت على محمد ; لأنك أعلم بما يليق به .

                                                          وهذا الدعاء قد اختلف فيه : هل يجوز إطلاقه على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أم لا ؟ والصحيح أنه خاص له فلا يقال لغيره . وقال الخطابي : الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره ، والتي بمعنى الدعاء والتبريك تقال لغيره .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " اللهم صل على آل أبي أوفى " . أي : ترحم وبرك . وقيل فيه : إن هذا خاص له ، ولكنه هو آثر به غيره . وأما سواه فلا يجوز له أن يخص به أحدا .

                                                          ( هـ ) وفيه : " من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا " . أي : دعت له وبركت .

                                                          ( هـ ) والحديث الآخر : " الصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة " .

                                                          ( هـ ) والحديث الآخر : " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان صائما فليصل " . أي : فليدع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة .

                                                          ( هـ ) وحديث سودة : " يا رسول الله إذا متنا صلى لنا عثمان بن مظعون " . أي : يستغفر لنا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث علي - رضي الله عنه - : " سبق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وصلى أبو بكر وثلث عمر " . المصلي في خيل الحلبة : هو الثاني ، سمي به لأن رأسه يكون عند صلا الأول ، وهو ما عن يمين الذنب وشماله .

                                                          ( هـ ) وفيه : " أنه أتي بشاة مصلية " . أي : مشوية . يقال : صليت اللحم - بالتخفيف - ، أي : شويته ، فهو مصلي . فأما إذا أحرقته وألقيته في النار قلت : صليته بالتشديد ، وأصليته . وصليت العصا بالنار أيضا إذا لينتها وقومتها .

                                                          [ ص: 51 ] ( س ) ومنه الحديث : " أطيب مضغة صيحانية مصلية " . أي : مشمسة قد صليت في الشمس ، ويروى بالباء وقد تقدمت .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر : " لو شئت لدعوت بصلاء وصناب " . الصلاء - بالمد والكسر - : الشواء .

                                                          * وفي حديث حذيفة : " فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار " . أي : يدفئه .

                                                          ( س ) وفي حديث السقيفة : " أنا الذي لا يصطلى بناره " . الاصطلاء : افتعال ، من صلا النار والتسخن بها . أي : أنا الذي لا يتعرض لحربي . يقال : فلان لا يصطلى بناره إذا كان شجاعا لا يطاق .

                                                          ( هـ ) وفيه : " إن للشيطان مصالي وفخوخا " . المصالي : شبيهة بالشرك ، واحدتها مصلاة ، أراد ما يستفز به الناس من زينة الدنيا وشهواتها . يقال : صليت لفلان إذا عملت له في أمر تريد أن تمحل به .

                                                          ( س ) وفي حديث كعب : " إن الله بارك لدواب المجاهدين في صليان أرض الروم ، كما بارك لها في شعير سورية " . الصليان : نبت معروف له سنمة عظيمة كأنه رأس القصب . أي : يقوم لخيلهم مقام الشعير . وسورية هي الشأم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية