مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ويجوز إذا عرفت بعينها قياسا على النخل ، والدور ، والأرضين " . الحبس في الرقيق ، والماشية
قال الماوردي : وهذا كما قال . يجوز وكل عين تبقى بقاء متصلا ويمكن الانتفاع بها . وقف العقار ، والدور ، والأرض ، والرقيق ، والماشية ، والسلاح
وقال أبو يوسف : لا يجوز إلا في الأراضي ، والدور ، والكراع ، والسلاح ، والغلمان فأما وقف الغلمان وغيرهم من الحيوان على الانفراد فلا تصح واحتج من نصره ما عدا الأرض والدور لا يثبت فيه الشفعة ، ولا يستحق بالشفعة فلم يصح وقفه كالأطعمة والسمومات ، ودليلنا ما روي أم معقل جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن أبا معقل جعل ناضحه في سبيل الله وإني أريد الحج فأركبه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اركبيه فإن الحج والعمرة من سبيل الله وروي أن عمر ساعيا ، فلما رجع ثلاثة : أحدهم خالد بن الوليد ، أما خالد فإنكم تظلمون خالدا إنه قد حبس أدراعهه وأعتده ، ومن وجهة المعنى أنها عين تجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فجاز وقفها كالدور . وقولنا : " عين " احترازها يكون في الذمة : لأنه لو كان له في ذمة رجل حيوان من مسلم أو غيره لم يصح . وقولنا : " يجوز بيعه " احتراز من أم الولد والحر . وقولنا : يمكن الانتفاع بها " احتراز من الحشرات التي لا ينتفع بها وقولنا : " مع [ ص: 518 ] بقائها المتصل " احتراز من الطعام ، فإنه ينتفع به ولكنه سلف بالانتفاع وقولنا " المتصل " احتراز من السمومات فإنه لا يتصل بقاؤها وإنما تبقى يوما ويومين وثلاثة فقط ، ولأن كل ما جاز وقفه تبعا لغيره جاز وقفه منفردا كالشجرة : لأنها وقف تبعا للأرض وتوقف منفردة عنها ، ولأن المقصود من الوقف انتفاع الموقوف عليه وهذا المعنى موجود فيما عدا الأرض والعقار فجاز وقفه . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث
فأما الجواب عما ذكروه فهو أنه منتقض بالكراع والسلاح ، فإنه لا يثبت فيه الشفعة ويصح وقفه ، ثم إن الشفعة إنما اختصت بالأرض والعقار : لأنه إنما تثبت لإزالة الضرر الذي يلحق الشريك على الدوام ، وإنما يدوم الضرر فيما لا ينفك ، وما ينفك فلا يدوم الضرر فيه ، فلهذا لم يثبت فيه الشفعة وليس كذلك الوقف : لأنه إنما جاز الانتفاع الموقوف عليه ، وهذا المعنى موجود فيما ينفك ويحول إذا كان على الأوصاف التي ذكرناها ، فجاز وقفه إذا ثبت هذا ، فكل عين جاز بيعها وأمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فإنه يجوز وقفها إذا كانت معينة ، فأما إذا كانت في الذمة أو مطلقة وهو أن يقول : وقفت فرسا أو عبدا ، فإن ذلك لا يجوز : لأنه لا يمكن الانتفاع به ما لم يتعين ، ولا يمكن تسليمه ؛ ولهذا قلنا : لا يجوز أن يبيع ثوبا مطلقا : لأنه لا يمكن تسليمه والإخبار عليه .
فأما الكلب فالذي نص عليه الشافعي أنه لا يجوز وقفه : لأنه ليس بمال .