الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " سواء كان إلى جنب قرية عامرة ، أو حيث كان ، وقد أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - الدور فقال حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة : نكب عنا ابن أم عبد فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلم ابتعثني الله إذن ، إن الله عز وجل لا يقدس أمة لا يؤخذ [ ص: 480 ]

                                                                                                                                            فيهم للضعيف حقه
                                                                                                                                            وفي ذلك دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بالمدينة بين ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخل ، وإن ذلك لأهل العامر ودلالة على أن ما قارب العامر يكون منه موات " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، هذه المسألة تشتمل على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : في حد الموات إذا اتصل بعامر .

                                                                                                                                            والثاني : هل يستوي فيه جميع الناس ، أو يختص به أهل العامر ، فأما الفصل الأول في حد الموت فقد اختلف الفقهاء فيه فمذهب الشافعي : أن الموات كله ما لم يكن عامرا ، ولا حريما لعامر سواء قرب من العامر أو بعد ، وقال أبو حنيفة : الموات هو كل أرض لا يبلغها الماء وتبعد من العامر وليس عليها ملك لأحد ، وقال أبو يوسف : أرض الموات كل أرض إذا وقف على أدناها من العامر ينادي بأعلى صوته لم يسمعه أقرب الناس إليها في العامر ، استدلالا بما رواه عن أبي بكر بن محمد ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أحيا أرضا دعوة من المصر ، - أو قال فيه - من المصر فهي له .

                                                                                                                                            ودليلنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتطع بين ظهراني عمارة الأنصار ، ولأن البلاد المحياة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم على عهد خلفائه متصلة العمارة متلاصقة الجذور ، ولو كان على ما قالوه لوجب أن يفصل بين كل عمارتين بما ذكروه من التحديد ، وما استدل به من حديث جابر فهو دليل عليه : لأن فحواه أن ما قرب من المصر جاز إحياؤه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية