الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حال من استأجر أرضا لزرع الحنطة من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يستأجرها لزرع الحنطة ، وما أشبهها فيجوز له - بوفاق داود - أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة ؛ مما يكون ضرره مثل ضرر الحنطة أو أقل ، إلا أن داود يجيزه بالشرط ، ونحن نجيزه بالعقد ، والشرط تأكيد .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يستأجرها لزرع الحنطة ، ويغفل ذكر ما سوى الحنطة ، فهذا القسم الذي خالف فيه داود ، فمنعه من زرع غير الحنطة ، ويجوز له عندنا أن يزرعها غير الحنطة مما ضرره كضرر الحنطة أو أقل .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يستأجرها لزرع الحنطة على أن لا يزرع ما سواها ، ففيه ثلاثة أوجه حكاها ابن أبي هريرة :

                                                                                                                                            أحدها : أن الإجارة باطلة : لأنه شرط فيها ما ينافي موجبها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الإجارة جائزة ، والشرط باطل ، وله أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة : لأنه لا يؤثر في حق المؤجر فألغي .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أن الإجارة جائزة ، والشرط لازم ، وليس له أن يزرعها غير الحنطة : لأن منافع الإجارة إنما تملك بالعقد على ما سمي فيه ، ألا تراه لو استأجرها للزرع لم يكن له الغرس ، فكذلك إذا استأجرها لنوع من الزرع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية