الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن تلف بعضها وبقي بعض ، ولم يزرع فرب الزرع بالخيار ؛ إن شاء أخذ ما بقي بحصته من الكراء وإن شاء ردها : لأن الأرض لم تسلم له كلها ، وإن كان زرع بطل عنه ما تلف ولزمه حصة ما زرع من الكراء ، وكذا إذا جمعت الصفقة مائة صاع بثمن معلوم فتلف خمسون صاعا ، فالمشتري بالخيار في أن يأخذ الخمسين بحصتها من الثمن ، أو يرد البيع : لأنه لم يسلم له كل ما اشترى ، وكذلك لو اكترى دارا فانهدم بعضها كان له أن يحبس منها ما بقي بحصته من الكراء ، وهذا بخلاف ما لا يتبعض من عبد اشتراه فلم يقبضه حتى حدث به عيب ، فله الخيار بين أخذه بجميع الثمن أو رده : لأنه لم يسلم له ما هو غير معيب ، والمسكن يتبعض من المسكن من الدار والأرض كذلك " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل استأجر أرضا فغرق السيل بعضها وبقي بعضها ، فالإجارة في الذي غرق منها باطلة ، ثم المذهب أنها في الباقي منها جائزة ، وهو بالخيار في فسخ الإجارة فيه ، أو أخذه بقسطه من الأجرة لتقسيط الأجرة على أجزاء الأرض ؛ كتقسيط ثمن الصبرة على أجزاء الصبرة ، وليس كالعبد الذي إذا قطعت يده لم يتقسط عليه الثمن ، كان ذلك عيبا يوجب خيار المشتري في أخذه بجميع الثمن ، أو فسخ البيع فيه ، وقد خرج قول أن الإجارة باطلة فيما بقي لبطلانها فيما غرق ، ويمنع المستأجر من زرع الباقي ، فإن زرعه ضمن أجرة مثله دون المسمى وليس بصحيح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية