الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر جواز الإجارة على حفر بئر معلومة العمق والدور بأجرة مسماة ، فعلى الأجير أن يحفر ما استؤجر عليه ويأخذ ما سمي له ، فإن حفر بعضها ثم مات ، أو ظهرت صخرة [ ص: 446 ] لا يقدر على حفرها ، فقد اختلف الفقهاء في قدر ما يستحقه من أجرتها : بماذا يكون معتبرا ؟ فذهب الشافعي إلى أنه يقوم أجرة ما حفر وأجرة ما ترك ، ثم تقسط الأجرة المسماة عليها ، فما قابل المحفور فهو القدر الذي يستحقه ، ولا يتقسط على عدد الأذرع لا خلاف ما بين العلو والسفل .

                                                                                                                                            مثاله : أن يستأجر على حفر عشرة أذرع في دور معلوم بثلاثين درهما ، فيحفر خمس أذرع ويترك خمسا ، فيقال : كم تساوي أجرة الخمس المحفورة ؟ فإن قيل : خمسة دراهم . قيل : وكم تساوي أجرة الخمس المتروكة ؟ فإن قيل : خمسة عشر درهما ، جمعتهما وجعلت كل خمسة سهما فيكون جميع السهام أربعة ، ثم قسمت الثلاثين التي هي الأجرة المسماة على أربعة أسهم ، يخرج للسهم الواحد سبعة دراهم ونصف وهو الذي يستحقه بالخمس المحفورة .

                                                                                                                                            فإن قيل : تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة ، وتساوي أجرة الخمس المتروكة خمسة عشر درهما ، جعلت كل خمسة دراهم سهما فتكون السهام كلها خمسة ، ثم قسمت الثلاثين المسماة على خمسة أسهم يخرجه لكل سهم ستة دراهم ، فيستحق بالخمسة المحفورة اثني عشر درهما : لأن قسط ما حفر سهمان . فإن قيل : تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة دراهم وأجرة الخمس المتروكة خمسين درهما ، جعلت كل عشرة سهما فتكون السهام كلها ستة ، ثم قسمت الثلاثين عليها يخرج لكل سهم خمسة دراهم وهو الذي يستحقه بالخمسة المحفورة . لأن قسط عمله سهم واحد ، ثم على هذه المبرة ، فهذا مذهب الشافعي وهو قياس أصوله فيما لا يتساوى أجزاؤه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية