الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن اكترى دابة فضربها ، أو كبحها باللجام فماتت ، فإن كان ما فعل من ذلك ما يفعل العامة فلا شيء عليه ، وإن فعل ما لا يفعل العامة ضمن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يجوز لمستأجر الدابة أن يضربها عند تقصير المسير ضرب استصلاح لا يخرج به عن عادة الناس ، وكذلك كبحها باللجام وركضها بالرجل ، فإن فعل فتلفت لم يضمن إلا أن يتجاوز عرف الناس فيضمن ، وقال أبو حنيفة : ليس لمستأجر الدابة أن يضربها ما لم يأذن له المالك في ضربها ، فإن ضربها ضمن ، والدليل على إباحة [ ص: 429 ] ضربها ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : اضربوها على العثار ، ولا تضربوها على النفار يعني أنها في العثار ساهية فالضرب يوقظها ، وفي النفار تزداد بالضرب نفورا فكان ذلك على عمومه .

                                                                                                                                            وروى جابر بن عبد الله قال : سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلع بعيري فاشتراه مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة دنانير وحملني عليه إلى المدينة ، فكان يسوقه وأنا راكبه وإنه ليضربه بالعصا ؛ ولأن له أن يفعل ما يتوصل به إلى استيفاء حقه إذا كان معهودا ، فإذا لم يتوصل إلى استيفاء المسير إلا بالضرب فذلك مباح . فعلى هذا لا ضمان عليه قولا واحدا إذا لم يتعد ؛ لأنه ليس بأجير وإنما هو مستأجر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية