الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا يجوز أن يتكارى بعيرا بعينه إلى أجل معلوم إلا عند خروجه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح . وقد قدمنا أن إجارة الظهر للركوب أو الحمولة ضربان معينة ومضمونة : فإن كانت معينة على بعير بعينه جاز أن يتقدر ركوبه بالمدة فيستأجره ليركبه من البصرة إلى مكة ، فيصير الركوب معلوما بكلا الأمرين بالمدة والمسافة ، وتصح الإجارة عليه ، فإن شرط في هذا العقد المعين أجلا جعل محلا للقبض والتسلم كقوله أجرتك هذا البعير لتركبه إلى مكة على أن أسلمه إليك بعد شهر أو بعد يوم لم يجز وكان العقد فاسدا سواء قل الأجل أو كثر . وقال أبو حنيفة : يجوز العقد سواء قل الأجل أو كثر وقال مالك : إن قل الأجل صح العقد وإن كثر فسد استدلالا بأن قبض المنافع في الإجارات يتأخر حكما في المضمون والمعين فجاز أن يكون إقباض الرقبة متأخرا شرطا في المضمون والمعين .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن ما تعين بعقود المعاوضات لم يجز تأجيل قبضه كالبيع ، ولأن عقود المنافع إذا تعينت رقابها بطلت بتأجيل إقباضها كالزوجة إذا شرط تأجيل تسليمها ، ولأنه عقد على منفعة عين يتخلل بين العقد والتسليم منفعة يستحقها غير العاقد فوجب أن يبطل العقد كالعقد على امرأة ذات زوج .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن استدلالهم بأن المنافع يتأخر قبضها حكما فجاز أن يتأخر شرطا ، فهو أن قبض المنافع متعجل وإنما الاستيفاء متأخر لتعذر التعجيل فيه وليس كالرقبة التي لا يتعذر تعجيل قبضها ، فإذا ثبت أن تأخير القبض بشرط لا يصح فإن وقع العقد مطلقا ثم تأخر القبض فالعقد صحيح كالعين المبيعة إذا تأخر قبضها من غير شرط .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية