الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " ولو ساقاه على النصف على أن يساقيه في حائط آخر على الثلث لم يجز في قياس قوله كالبيعتين في بيعة وله في الفاسد أجر مثله في عمله " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهما مسألتان : إحداهما : أن يكون لرب النخل حائط شرقي وللعامل حائط غربي ، فيقول رب النخل قد ساقيتك على حائطي الشرقي على النصف على أن تساقيني أيها العامل على حائطك الغربي على الثلث ، فهذا باطل ، وهو كالبيعتين في بيعة ، في الصورة ، والمعنى ؛ لأن قوله قد ساقيتك على أن تساقيني كقوله بعتك داري على أن تبيعني عبدك .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : أن يكون الحائطان معا لرب النخل ، أحدهما شرقي ، والآخر غربي ، فيقول رب النخل : قد ساقيتك على حائطي الشرقي على النصف على أن أساقيك على حائطي الغربي على الثلث ، فهذا باطل .

                                                                                                                                            قال المزني وهو كالبيعتين في بيعة .

                                                                                                                                            فاختلف أصحابنا في صحة هذا التشبيه في الصورة ، والمعنى ، فذهب أبو علي الطبري إلى فساد هذا التشبيه وأنه في معنى بيع وشرط لا أنه في معنى بيعتين في بيعة .

                                                                                                                                            وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أنه تشبيه صحيح ، وأنه كالبيعتين في بيعة في المعنى والصورة ؛ لأن حقيقة البيعتين في بيعة أن يجعل أحد العقدين مشروطا في الآخر ، وسواء كان البائع فيهما واحدا ، أو مختلفا وإنما فسدت المساقاة في هاتين المسألتين مع ما ذكرناه من التشبيه بالبيعتين ؛ لأن اشتراط أحد العقدين في الآخر يوجب استدراك ما حصل من زيادة العقد الأول مجبورا بنقص العقد الثاني ، أو استدراك نقصان الأول مجبورا بزيادة الثاني ، فصار العوض في كل واحد من العقدين معتبرا بالشرط فبطل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية