مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وإن فإن كان يصلح لشيء من المنافع مفصلا فعليه ما بين قيمته مفصلا ومكسورا وإلا فلا شيء عليه " . كسر لنصراني صليبا
قال الماوردي : أما الصليب فموضوع على معصية لزعمهم أن عيسى ابن مريم عليه السلام قتل وصلب على مثله فاعتقدوا إعظامه طاعة ، والتمسك به قربة ، وقد أخبر الله تعالى بتكذيبهم فيه ومعصيتهم به فقال سبحانه : وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم [ النساء : 157 ] ، وقال تعالى : وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه [ النساء : 157 - 158 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : أن الكتابة راجعة إلى عيسى وتقديره : وما قتلوا عيسى يقينا .
والثاني : أنها كناية ترجع إلى العلم به . وتقديره : وما قتلوا للعلم به يقينا من قولهم : قتلت ذلك علما إذا تحققت ومنه ما جاء الحديث به : قتلت أرض جاهلها وقتل أرضا عالمها فإن لم يجاهرونا بالصليب لم يجز أن نهجم عليهم في بيعهم وكنائسهم وأقررناهم على ما يعتقدونه من تعظيمه كما نقرهم على كفرهم وإن جاهرونا به وجب إنكاره ، ولم يجز أن نقرهم على [ ص: 221 ] إظهاره ثم ننظر فإن كان الإمام قد شرط عليهم في عقد جزيتهم ترك مجاهرتنا به جاز في الإنكار عليهم أن يعمد إلى تفصيل الصليب وكسره رفعا لما أظهروه من المعصية به وإن لم يشرط ذلك عليهم في عقد جزيتهم وجب أن يقتصر على الإنكار عليهم في المجاهرة به ، ولا يتجاوز في الإنكار إلى كسره إلا أن يقيموا بعد الإنكار على إظهاره فيكسر عليهم كسرا لا يوجب ضمانا ، ولا غرما فإذا تقرر هذا وكسر رجل على نصراني صليبا نظر فإن كان قد فعله وأزاله عن شكله ، ولم يتجاوز عن كسر خشبه فلا شيء عليه ؛ لأنه قد أزال معصية ، ولم يتلف مالا وإن كسره حتى صار خشبه فتاتا فإن كان لا ينتفع به في غير الصليب ، ولا يصلح إلا له فلا شيء عليه سواء كان كاسره مسلما ، أو نصرانيا وكذا لو كان يصلح مكسورا لما يصلح له صحيحا من وقود النار فلا شيء عليه ؛ لأنه أزال المعصية عنه وإن كان ينتفع به مفصلا ويصلح لما يصلح له مكسرا ضمن ما بين قيمته مفصلا ومكسرا ؛ لأنه أزال مع المعصية نفعا مباحا فلم يكن سقوط الضمان عن المعصية موجبا لسقوطه عن الإباحة وهكذا حال وإن كسره فإن كان لا يصلح إلا لها فلا ضمان وإن كان يصلح لغيرها ضمن ما بين قيمته مفصلا ومكسرا . الطنبور ، والمزمار ، والملاهي المحرمات إن فصل خشبها فلا ضمان