الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن اتفقت الجهتان فشهد كل واحد منهما بما شهد به الآخر من ثمن عبد ، أو كانت الشهادة مطلقة ، أو كانت إحداهما مطلقة ، والأخرى مقيدة صار الشاهدان متفقين على إثبات ألف وتفرد أحدهما بزيادة ألف فحكم للمدعي بألف بشاهدين وله ألف ثانية بشاهد إن حلف معه حكم له بها فيصير آخذا لألف بشاهدين ، وألف بشاهد ويمين .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : هذا اختلاف في الشهادة يمنع من اجتماعهما فيها على شيء فلا أحكم على المشهود عليه بشيء استدلالا بأن اختلافهما في القدر وصيغة اللفظ يمنع من أن يكونا متفقين على قدر وصار كاختلافهما في جهة الحق .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن الشهادة لا يجوز إسقاطها مع إمكان العمل بها على شروطها كالأخبار الواردة على شروطها لا يجوز تركها مع إمكان العمل بها ، ولا تكون شهادة أحدهما بحقين يمنع من قبول شهادة الآخر بأحد الحقين كما لو شهد أحدهما بألف درهم وشهد الآخر بألف درهم وعبد ، أو شهد أحدهما بألف ، والآخر بألف وخمسمائة ولأن التنافي في الشهادة يوجب مضاعفة الإقرار ، والموافقة توجب المداخلة في الإقرار . فلما كان إقراره بألف إذا أقر بعدها بألفين أوجب دخول الألف في الألفين دل على اتفاقهما وعدم تنافيهما . ولأن لفظ الألف على صيغته داخل في لفظ الألفين وانضم إليه علامة التثنية فكان أحق بالاستثناء من أن تنضم إليه أعداد زائدة وزيادة الأعداد عنده لا يقتضي التنافي كشهادة أحدهما بألف ، والآخر بألف وخمسمائة فزيادة التثنية أولى أن لا يقتضي التنافي ويبطل بهذا ما ادعاه من اختلافهما في صيغة اللفظ .

                                                                                                                                            فأما ما ذكره من اختلافهما في القدر فالشاهد بألفين قد أثبت ألفا وزاد ألفا ، والآخر قد أثبت ألفا فصارا عليها متفقين وفي الأخرى غير متفقين ، ولا مختلفين ، فعلى هذا لو شهد أحدهما بمائة ، والآخر بألف حكم بمائة من جملتها بشاهدين ، ولا يكون اختلاف صيغة اللفظ منهما مانعا من دخول الأقل في الأكثر واتفاقهما على الشهادة به وهكذا لو شهد أحدهما على إقراره بألف بالعربية وشهد الآخر على إقراره بعشرة آلاف بالفارسية كانا متفقين على الشهادة بألف منها وتفرد الآخر في شهادته بالزيادة عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية