الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وكذلك لو قال له علي ألف إلا كر حنطة ، أو إلا عبدا أجبرته على أن يبقى بعد الاستثناء شيئا قل ، أو كثر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أن كل استثناء عاد إلى جملة لم يخل حاله من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون الاستثناء مفسرا من جملة مفسرة كقوله له علي ألف درهم إلا دينارا فيصح ذلك ويكون المراد بالجملة ما يبقى بعد الاستثناء . وهكذا لوقال : له علي ألف درهم إلا دينارا كان استثناء مفسرا صحيحا كجواز الاستثناء من غير الجنس ومن الجنس ويسقط من الألف درهم بقية الدينار المستثنى ويكون الباقي هو المقر به .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون الاستثناء مجملا من مجمل ، كقوله علي ألف إلا شيئا ، فيبدأ بسؤاله عن الألف فإذا فسرها بمعلوم سئل عن الشيء فإذا فسره بمعلوم أسقط بالاستثناء وكان الباقي هو المقر به . وهكذا لو قال له : علي شيء إلا ألفا سئل عن الشيء المقر به ثم عن الألف المستثناة منها ، فإذا فسرهما بمعلوم لزم الباقي وهكذا لو قال له : علي ألف ثوب إلا عبدا ؛ لأن كل واحد منهما وإن كان معلوم الجنس فهو مجهول الصفة .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الاستثناء مفسرا من مجمل كقوله له : علي ألف إلا درهما ، ويسأل عن الألف المجملة دون الاستثناء المفسر ، وهكذا لو قال : ألف ثوب إلا دينارا ؛ لأن الألف الثوب وإن كانت مفسرة الجنس فهي مجملة الصفة فاحتيج إلى السؤال عنها ، وإن كانت سلما كان السؤال عن الصفة دون القيمة .

                                                                                                                                            وإن كانت عقبا مستهلكا كان السؤال عن القيمة دون الصفة إلا أن يختلفا فيكون في الصفة دليل فيسأل عنها .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن يكون الاستثناء مجملا من مفسر كقوله : له علي ألف درهم إلا شيئا . فيسأل عن الاستثناء المجمل دون الألف المفسرة ، وهكذا لو قال : له علي ألف درهم إلا عبدا سئل عن العبد وقيمته ؛ لأنه وإن كان معلوم الجنس فهو مجهول الصفة .

                                                                                                                                            [ ص: 25 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية