الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( نفق ) قد تكرر في الحديث ذكر " النفاق " وما تصرف منه اسما وفعلا ، وهو اسم إسلامي ، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به ، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه ، وإن كان أصله في اللغة معروفا . يقال : نافق ينافق منافقة ونفاقا ، وهو مأخوذ من النافقاء : أحد جحرة اليربوع ، إذا طلب من واحد هرب إلى الآخر ، وخرج منه . وقيل : هو من النفق : وهو السرب الذي يستتر فيه ، لستره كفره .

                                                          وفي حديث حنظلة نافق حنظلة أراد أنه إذا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أخلص وزهد في الدنيا ، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها ، فكأنه نوع من الظاهر والباطن ، ما كان يرضى أن يسامح به نفسه .

                                                          ( س ) وفيه أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها أراد بالنفاق هاهنا الرياء لأن كليهما إظهار غير ما في الباطن .

                                                          ( س ) وفيه المنفق سلعته بالحلف كاذب المنفق بالتشديد : من النفاق ، وهو ضد الكساد . ويقال : نفقت السلعة فهي نافقة ، وأنفقتها ونفقتها ، إذا جعلتها نافقة .

                                                          [ ص: 99 ] ( هـ ) ومنه الحديث اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للبركة أي هي مظنة لنفاقها وموضع له .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس لا ينفق بعضكم لبعض أي لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش ، فإنه بزيادته فيها يرغب السامع ، فيكون قوله سببا لابتياعها ، ومنفقا لها .

                                                          ومنه حديث عمر " من حظ المرء نفاق أيمه " أي من حظه وسعادته أن تخطب إليه نساؤه ، من بناته وأخواته ، ولا يكسدن كساد السلع التي لا تنفق .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عباس " والجزور نافقة " أي ميتة . يقال : نفقت الدابة ، إذا ماتت .

                                                          ( نفل ) ( س ) في حديث الجهاد إنه نفل في البدأة الربع ، وفي الققلة الثلث النفل بالتحريك : الغنيمة ، وجمعه : أنفال . والنفل بالسكون وقد يحرك : الزيادة وقد تقدم معنى هذا الحديث في حرف الباء وغيره .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " أنه بعث بعثا قبل نجد ، فبلغت سهمانهم اثني عشر بعيرا ، ونفلهم بعيرا بعيرا " أي زادهم على سهامهم . ويكون من خمس الخمس .

                                                          ومنه حديث ابن عباس لا نفل في غنيمة حتى تقسم جفة كلها أي لا ينفل منها الأمير أحدا من المقاتلة بعد إحرازها حتى تقسم كلها ، ثم ينفله إن شاء من الخمس ، فأما قبل القسمة فلا .

                                                          وقد تكرر ذكر " النفل والأنفال " في الحديث ، وبه سميت النوافل في العبادات ، لأنها زائدة على الفرائض .

                                                          ومنه الحديث لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل الحديث .

                                                          وفي حديث قيام رمضان لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه أي زدتنا من صلاة النافلة .

                                                          والحديث الآخر إن المغانم كانت محرمة على الأمم قبلنا ، فنفلها الله تعالى هذه الأمة أي زادها .

                                                          وفي حديث القسامة قال لأولياء المقتول : أترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه ؟ يقال : نفلته فنفل : أي حلفته فحلف . ونفل وانتفل ، إذا حلف . وأصل النفل : النفي . يقال : [ ص: 100 ] نفلت الرجل عن نسبه ، وانفل عن نفسك إن كنت صادقا : أي انف عنك ما قيل فيك ، وسميت اليمين في القسامة نفلا ، لأن القصاص ينفى بها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث علي " لوددت أن بني أمية رضوا ونفلناهم خمسين رجلا من بني هاشم ، يحلفون ما قتلنا عثمان ، ولا نعلم له قاتلا " يريد نفلنا لهم .

                                                          ( س هـ ) ومنه حديث ابن عمر " أن فلانا انتفل من ولده " أي تبرأ منه .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي الدرداء " إياكم والخيل المنفلة التي إن لقيت فرت ، وإن غنمت غلت " كأنه من النفل : الغنيمة : أي الذين قصدهم من الغزو الغنيمة والمال ، دون غيره ، أو من النفل ، وهم المطوعة المتبرعون بالغزو ، والذين لا اسم لهم في الديوان ، فلا يقاتلون قتال من له سهم .

                                                          هكذا جاء في كتاب أبي موسى من حديث أبي الدرداء . والذي جاء في " مسند أحمد " من رواية أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والخيل المنفلة ، فإنها إن تلق تفر ، وإن تغنم تغلل " ولعلهما حديثان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية