الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( نور ) * في أسماء الله تعالى " النور " هو الذي يبصر بنوره ذو العماية ، ويرشد بهداه ذو الغواية . وقيل : هو الظاهر الذي به كل ظهور . فالظاهر في نفسه المظهر لغيره يسمى نورا .

                                                          وفي حديث أبي ذر قال له ابن شقيق : لو رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنت أسأله : هل رأيت ربك ؟ فقال : قد سألته ، فقال : نور أنى أراه ؟ أي هو نور كيف أراه .

                                                          سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : ما زلت منكرا له ، وما أدري ما وجهه . وقال ابن خزيمة : في القلب من صحة هذا الخبر شيء ، فإن ابن شقيق لم يكن يثبت أبا ذر .

                                                          وقال بعض أهل العلم : النور جسم وعرض ، والباري جل وعز ليس بجسم ولا عرض ، وإنما [ ص: 125 ] المراد أن حجابه النور . وكذا روي في حديث أبي موسى ، والمعنى : كيف أراه وحجابه النور : أي إن النور يمنع من رؤيته .

                                                          * وفي حديث الدعاء اللهم اجعل في قلبي نورا وباقي أعضائه . أراد ضياء الحق وبيانه ، كأنه قال : اللهم استعمل هذه الأعضاء مني في الحق . واجعل تصرفي وتقلبي فيها على سبيل الصواب والخير .

                                                          ( هـ ) وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - " أنور المتجرد " أي نير لون الجسم . يقال للحسن المشرق اللون : أنور ، وهو أفعل من النور . يقال : نار فهو نير ، وأنار فهو منير .

                                                          * وفي حديث مواقيت الصلاة أنه نور بالفجر أي صلاها وقد استنار الأفق كثيرا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث علي " نائرات الأحكام ، ومنيرات الإسلام " النائرات : الواضحات البينات ، والمنيرات كذلك . فالأولى من نار ، والثانية من أنار ، وأنار لازم ومتعد .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث " فرض عمر للجد ثم أنارها زيد بن ثابت " أي أوضحها وبينها .

                                                          ( هـ ) وفيه لا تستضيئوا بنار المشركين أراد بالنار هاهنا الرأي : أي لا تشاوروهم . فجعل الرأي مثلا للضوء عند الحيرة .

                                                          ( هـ ) وفيه أنا بريء من كل مسلم مع مشرك ، قيل : لم يا رسول الله ؟ قال : لا ترآى ناراهما أي لا تجتمعان بحيث تكون نار أحدهما مقابل نار الآخر .

                                                          وقيل : هو من سمة الإبل بالنار . وقد تقدم مشروحا في حرف الراء .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث صعصعة بن ناجية جد الفرزدق " قال : وما ناراهما ؟ " أي ما سمتهما التي وسمتا بها ، يعني ناقتيه الضالتين ، فسميت السمة نارا لأنها تكوى بالنار ، والسمة : العلامة .

                                                          ( س ) وفيه الناس شركاء في ثلاثة : الماء والكلأ والنار أراد : ليس لصاحب النار [ ص: 126 ] أن يمنع من أراد أن يستضيء منها أو يقتبس .

                                                          وقيل : أراد بالنار الحجارة التي توري النار : أي لا يمنع أحد أن يأخذ منها .

                                                          * وفي حديث الإزار وما كان أسفل من ذلك فهو في النار معناه أن ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل في النار ، عقوبة له على فعله .

                                                          وقيل : معناه أن صنيعه ذلك وفعله في النار : أي إنه معدود محسوب من أفعال أهل النار .

                                                          * وفيه أنه قال لعشرة أنفس فيهم سمرة : آخركم يموت في النار فكان سمرة آخر العشرة موتا . قيل : إن سمرة أصابه كزاز شديد ، فكان لا يكاد يدفأ ، فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء ، وأوقد تحتها ، واتخذ فوقها مجلسا ، وكان يصعد إليه بخارها فيدفئه ، فبينا هو كذلك خسفت به فحصل في النار ، فذلك الذي قال له . والله أعلم .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي هريرة " العجماء جبار ، والنار جبار " قيل : هي النار يوقدها الرجل في ملكه ، فتطيرها الريح إلى مال غيره فيحترق ولا يملك ردها ، فتكون هدرا .

                                                          وقيل : الحديث غلط فيه عبد الرزاق ، وقد تابعه عبد الملك الصنعاني .

                                                          وقيل : هو تصحيف " البئر " ، فإن أهل اليمن يميلون النار فتنكسر النون ، فسمعه بعضهم على الإمالة فكتبه بالياء فقرءوه مصحفا بالباء .

                                                          والبئر هي التي يحفرها الرجل في ملكه أو في موات ، فيقع فيها إنسان فيهلك ، فهو هدر .

                                                          قال الخطابي : لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون : غلط فيه عبد الرزاق حتى وجدته لأبي داود من طريق أخرى .

                                                          وفيه فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا هذا تفخيم لأمر البحر وتعظيم لشأنه ، وأن الآفة تسرع إلى راكبه في غالب الأمر ، كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها .

                                                          * وفي حديث سجن جهنم فتعلوهم نار الأنيار لم أجده مشروحا ، ولكن هكذا يروى ، فإن صحت الرواية فيحتمل أن يكون معناه نار النيران ، فجمع النار على أنيار ، وأصلها : أنوار ، لأنها [ ص: 127 ] من الواو ، كما جاء في ريح وعيد : أرياح وأعياد ، من الواو . والله أعلم .

                                                          ( س ) وفيه كانت بينهم نائرة أي فتنة حادثة وعداوة . ونار الحرب ونائرتها : شرها وهيجها .

                                                          ( س ) وفي صفة ناقة صالح - عليه السلام - " هي أنور من أن تحلب " أي أنفر . والنوار : النفار . ونرته وأنرته : نفرته . وامرأة نوار : نافرة عن الشر والقبيح .

                                                          ( هـ ) وفي حديث خزيمة " لما نزل تحت الشجرة أنورت " أي حسنت خضرتها ، من الإنارة .

                                                          وقيل : إنها أطلعت نورها ، وهو زهرها . يقال : نورت الشجرة وأنارت . فأما أنورت فعلى الأصل .

                                                          ( هـ ) وفيه لعن الله من غير منار الأرض المنار : جمع منارة ، وهي العلامة تجعل بين الحدين . ومنار الحرم : أعلامه التي ضربها الخليل - عليه السلام - على أقطاره ونواحيه . والميم زائدة .

                                                          ومنه حديث أبي هريرة " إن للإسلام صوى ومنارا " أي علامات وشرائع يعرف بها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية