الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( هلك ) ( ه ) فيه " إذا قال الرجل : هلك الناس ، فهو أهلكهم " يروى بفتح الكاف وضمها ، فمن فتحها كانت فعلا ماضيا ، ومعناه أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله يقولون : هلك الناس : أي استوجبوا النار بسوء أعمالهم ، فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم [ ص: 270 ] لا الله تعالى ، أو هو الذي لما قال لهم ذلك وآيسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي ، فهو الذي أوقعهم في الهلاك .

                                                          وأما الضم فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكهم : أي أكثرهم هلاكا . وهو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ، ويرى له عليهم فضلا .

                                                          ( ه ) وفي حديث الدجال ، وذكر صفته ، ثم قال " ولكن الهلك كل الهلك أن ربكم ليس بأعور " وفي رواية " فإما هلكت هلك فإن ربكم ليس بأعور " الهلك : الهلاك . ومعنى الرواية الأولى : الهلاك كل الهلاك للدجال ; لأنه وإن ادعى الربوبية ولبس على الناس بما لا يقدر عليه البشر ، فإنه لا يقدر على إزالة العور ، لأن الله تعالى منزه عن النقائص والعيوب .

                                                          وأما الثانية : فهلك - بالضم والتشديد - جمع هالك : أي فإن هلك به ناس جاهلون وضلوا ، فاعلموا أن الله ليس بأعور . تقول العرب : افعل كذا إما هلكت هلك ، وهلك ، بالتخفيف ، منونا وغير منون . ومجراه مجرى قولهم : افعل ذاك على ما خيلت : أي على كل حال .

                                                          وهلك : صفة مفردة بمعنى هالكة ، كناقة سرح ، وامرأة عطل ، فكأنه قال : فكيفما كان الأمر فإن ربكم ليس بأعور .

                                                          ( ه ) وفيه " ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته " قيل : حض على تعجيل الزكاة من قبل أن تختلط بالمال بعد وجوبها فيه فتذهب به .

                                                          وقيل : أراد تحذير العمال عن اختزال شيء منها وخلطهم إياه بها .

                                                          وقيل : هو أن يأخذ الزكاة وهو غني عنها .

                                                          [ ص: 271 ] ( س ) وفي حديث عمر " أتاه سائل فقال له : هلكت وأهلكت " أي هلكت عيالي .

                                                          * وفي حديث التوبة " وتركها بمهلكة " أي موضع الهلاك ، أو الهلاك نفسه ، وجمعها : مهالك ، وتفتح لامها وتكسر ، وهما أيضا : المفازة .

                                                          ( ه ) ومنه حديث أم زرع " وهو أمام القوم في المهالك " أي في الحروب ، فإنه لثقته بشجاعته يتقدم ولا يتخلف .

                                                          وقيل : أرادت أنه لعلمه بالطرق يتقدم القوم يهديهم وهم على أثره .

                                                          ( ه ) وفي حديث مازن " إني مولع بالخمر والهلوك من النساء " هي الفاجرة ، سميت بذلك لأنها تتهالك : أي تتمايل وتتثنى عند جماعها . وقيل : هي المتساقطة على الرجال .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " فتهالكت عليه ( فسألته ) " أي سقطت عليه ورميت بنفسي فوقه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية