الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ولا ) في أسماء الله تعالى " الولي " هو الناصر . وقيل : المتولي لأمور العالم والخلائق ، القائم بها .

                                                          ومن أسمائه عز وجل " الوالي " وهو مالك الأشياء جميعها ، المتصرف فيها . وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي .

                                                          ( ه ) وفيه " أنه نهى عن بيع الولاء وهبته " يعني ولاء العتق ، وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه ، أو ورثه معتقه ، كانت العرب تبيعه وتهبه فنهي عنه ، لأن الولاء كالنسب ، فلا يزول بالإزالة .

                                                          * ومنه الحديث " الولاء للكبر " أي الأعلى فالأعلى من ورثة المعتق .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " من تولى قوما بغير إذن مواليه " أي اتخذهم أولياء له . ظاهره [ ص: 228 ] يوهم أنه شرط ، وليس شرطا ، لأنه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوالي غيرهم ، وإنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه ، والتنبيه على بطلانه ، والإرشاد إلى السبب فيه ، لأنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم منعوه فيمتنع . والمعنى : إن سولت له نفسه ذلك فليستأذنهم ، فإنهم يمنعونه . وقد تكرر في الحديث .

                                                          * ومنه حديث الزكاة " مولى القوم منهم " الظاهر من المذاهب والمشهور أن موالي بني هاشم والمطلب لا يحرم عليهم أخذ الزكاة ; لانتفاء النسب الذي به حرم على بني هاشم والمطلب .

                                                          وفي مذهب الشافعي على وجه أنه يحرم على الموالي أخذها ، لهذا الحديث .

                                                          ووجه الجمع بين الحديث ونفي التحريم أنه إنما قال هذا القول تنزيها لهم ، وبعثا على التشبه بسادتهم والاستنان بسنتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس .

                                                          وقد تكرر ذكر " المولى " في الحديث ، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة ، فهو الرب ، والمالك ، والسيد ، والمنعم ، والمعتق ، والناصر ، والمحب ، والتابع ، والجار ، وابن العم ، والحليف ، والعقيد ، والصهر ، والعبد ، والمعتق ، والمنعم عليه . وأكثرها قد جاءت في الحديث ، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه . وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه . وقد تختلف مصادر هذه الأسماء . فالولاية بالفتح ، في النسب والنصرة والمعتق . والولاية بالكسر ، في الإمارة . والولاء ، المعتق والموالاة من والى القوم .

                                                          ( ه س ) ومنه الحديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " يحمل على أكثر الأسماء المذكورة .

                                                          قال الشافعي رضي الله عنه : يعني بذلك ولاء الإسلام ، كقوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم . وقول عمر لعلي " أصبحت مولى كل مؤمن " أي ولي كل مؤمن .

                                                          وقيل : سبب ذلك أن أسامة قال لعلي : لست مولاي ، إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه [ ص: 229 ] وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .

                                                          ( ه ) ومنه الحديث أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل وفي رواية " وليها " أي متولي أمرها .

                                                          * ومنه الحديث " مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله " .

                                                          * والحديث الآخر " أسألك غناي وغنى مولاي " .

                                                          * والحديث الآخر " من أسلم على يده رجل فهو مولاه " أي يرثه كما يرث من أعتقه .

                                                          * ومنه الحديث " أنه سئل عن رجل مشرك يسلم على يد رجل من المسلمين فقال : هو أولى الناس بمحياه ومماته " أي أحق به من غيره . ذهب قوم إلى العمل بهذا الحديث ، واشترط آخرون أن يضيف إلى الإسلام على يده المعاقدة والموالاة .

                                                          وذهب أكثر الفقهاء إلى خلاف ذلك ، وجعلوا هذا الحديث بمعنى البر والصلة ورعي الذمام ومنهم من ضعف الحديث .

                                                          ( ه ) ومنه الحديث " ألحقوا المال بالفرائض ، فما أبقت السهام فلأولى رجل ذكر " أي أدنى وأقرب في النسب إلى الموروث .

                                                          * ومنه حديث أنس " قام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوك حذافة ، وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : أولى لكم والذي نفسي بيده " أي قرب منكم ما تكرهون ، وهي كلمة تلهف ، يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة .

                                                          وقيل : هي كلمة تهدد ووعيد . قال الأصمعي : معناه : قاربه ما يهلكه .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن الحنفية " كان إذا مات بعض ولده قال : أولى لي ، كدت أن أكون السواد المخترم " شبه كاد بعسى ، فأدخل في خبرها " أن " .

                                                          * وفي حديث عمر " لا يعطى من المغانم شيء حتى تقسم ، إلا لراع أو دليل غير موليه ، قلت : ما موليه ؟ قال : محابيه " أي غير معطيه شيئا لا يستحقه ، وكل من أعطيته ابتداء من غير مكافأة فقد أوليته .

                                                          [ ص: 230 ] * وفي حديث عمار " قال له عمر في شأن التيمم : كلا ، والله لنولينك ما توليت " أي نكل إليك ما قلت ، ونرد إليك ما وليته نفسك ، ورضيت لها به .

                                                          ( ه ) وفيه " أنه سئل عن الإبل ، فقال : أعنان الشياطين ، لا تقبل إلا مولية ، ولا تدبر إلا مولية ، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم " أي إن من شأنها إذا أقبلت على صاحبها أن يتعقب إقبالها الإدبار ، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء مستأصلا . وقد ولى الشيء وتولى ، إذا ذهب هاربا ومدبرا ، وتولى عنه ، إذا أعرض .

                                                          ( ه ) وفيه " أنه نهى أن يجلس الرجل على الولايا " هي البراذع . سميت بذلك لأنها تلي ظهر الدابة . قيل : نهى عنها ، لأنها إذا بسطت وافترشت تعلق بها الشوك والتراب وغير ذلك مما يضر الدواب ، ولأن الجالس عليها ربما أصابه من وسخها ونتنها ودم عقرها .

                                                          ( ه ) ومنه حديث ابن الزبير " أنه بات بقفر ، فلما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران ، عظيم اللحية على الولية ، فنفضها فوقع " .

                                                          ( س ) وفي حديث مطرف الباهلي " تسقيه الأولية " هي جمع ولي ، وهو المطر الذي يجيء بعد الوسمي ، سمي به ، لأنه يليه : أي يقرب منه ويجيء بعده .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية