الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( جنن ) فيه ذكر : " الجنة " في غير موضع . الجنة : هي دار النعيم في الدار الآخرة ، من الاجتنان وهو الستر ، لتكاثف أشجارها وتظليلها بالتفاف أغصانها . وسميت بالجنة وهي المرة الواحدة من مصدر جنه جنا إذا ستره ، فكأنها سترة واحدة ; لشدة التفافها وإظلالها .

                                                          * ومنه الحديث : " جن عليه الليل " أي ستره ، وبه سمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار ، ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : " ولي دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجنانه علي والعباس " أي دفنه وستره . ويقال للقبر الجنن ، ويجمع على أجنان .

                                                          [ ص: 308 ] ومنه حديث علي : " جعل لهم من الصفيح أجنان " .

                                                          ( هـ ) وفيه : " أنه نهى عن قتل الجنان " هي الحيات التي تكون في البيوت ; واحدها جان ، وهو الدقيق الخفيف . والجان : الشيطان أيضا . وقد جاء ذكر الجان والجن والجنان في غير موضع من الحديث .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث زمزم : إن فيها جنانا كثيرة أي حيات .

                                                          * وفي حديث زيد بن نفيل : " جنان الجبال " أي الذين يأمرون بالفساد من شياطين الإنس ، أو من الجن . والجنة بالكسر : اسم للجن .

                                                          * وفي حديث السرقة : القطع في ثمن المجن هو الترس ، لأنه يواري حامله : أي يستره ، والميم زائدة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث علي رضي الله عنه : " كتب إلي ابن عباس رضي الله عنهما : قلبت لابن عمك ظهر المجن " هذه كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك ، ويجمع على مجان .

                                                          * ومنه حديث أشراط الساعة : وجوههم كالمجان المطرقة يعني الترك . وقد تكرر ذكر المجن والمجان في الحديث .

                                                          * وفيه : الصوم جنة أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات . والجنة : الوقاية .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " الإمام جنة " لأنه يقي المأموم الزلل والسهو .

                                                          * ومنه حديث الصدقة : كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد أي وقايتان . ويروى بالباء الموحدة ; تثنية جبة اللباس .

                                                          * وفيه أيضا : " تجن بنانه " أي تغطيه وتستره .

                                                          * وفيه : أنه نهى عن ذبائح الجن هو أن يبني الرجل الدار فإذا فرغ من بنائها ذبح ذبيحة ، وكانوا يقولون : إذا فعل ذلك لا يضر أهلها الجن .

                                                          * وفي حديث ماعز : " أنه سأل أهله عنه فقال : أيشتكي أم به جنة ؟ قالوا : لا " الجنة بالكسر : الجنون .

                                                          [ ص: 309 ] * وفي حديث الحسن : " لو أصاب ابن آدم في كل شيء جن " أي أعجب بنفسه حتى يصير كالمجنون من شدة إعجابه . قال القتيبي : وأحسب قول الشنفرى من هذا :

                                                          فلو جن إنسان من الحسن جنت

                                                          * ومنه حديثه الآخر : " اللهم إني أعوذ بك من جنون العمل " أي من الإعجاب به ، ويؤكد هذا حديثه الآخر : " أنه رأى قوما مجتمعين على إنسان ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : مجنون ، قال : هذا مصاب ، وإنما المجنون الذي يضرب بمنكبيه ، وينظر في عطفيه ، ويتمطى في مشيته .

                                                          * وفي حديث فضالة : " كان يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة ، حتى يقول الأعراب : مجانين ، أو مجانون " المجانين : جمع تكسير لمجنون ، وأما مجانون فشاذ ، كما شذ شياطون في شياطين . وقد قرئ : واتبعوا ما تتلوا الشياطون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية