الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( نعم ) ( هـ ) فيه كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه ؟ أي كيف أتنعم ، من النعمة ، بالفتح ، وهي المسرة والفرح والترفه .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث " إنها لطير ناعمة " أي سمان مترفة .

                                                          وفي حديث صلاة الظهر فأبرد بالظهر وأنعم أي أطال الإبراد وأخر الصلاة .

                                                          ومنه قولهم " أنعم النظر في الشيء " إذا أطال التفكر فيه .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما أي زادا وفضلا . يقال : أحسنت إلي وأنعمت : أي زدت على الإنعام .

                                                          وقيل : معناه صارا إلى النعيم ودخلا فيه ، كما يقال : أشمل ، إذا دخل في الشمال .

                                                          ومعنى قولهم : أنعمت على فلان : أي أصرت إليه نعمة .

                                                          ( س ) وفيه من توضأ للجمعة فيها ونعمت أي ونعمت الفعلة والخصلة هي ، فحذف المخصوص بالمدح .

                                                          والباء في قوله " فيها " متعلقة بفعل مضمر : أي فبهذه الخصلة أو الفعلة ، يعني الوضوء ينال الفضل وقيل : هو راجع إلى السنة : أي فبالسنة أخذ ، فأضمر ذلك .

                                                          ( س ) ومنه الحديث نعما بالمال أصله : نعم ما ، فأدغم وشدد . وما : غير موصوفة [ ص: 84 ] ولا موصولة ، كأنه قال : نعم شيئا المال ، والباء زائدة ، مثل زيادتها في كفى بالله حسيبا .

                                                          * ومنه الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح وفي نعم لغات ، أشهرها كسر النون وسكون العين ، ثم فتح النون وكسر العين ، ثم كسرهما .

                                                          ( س ) وفي حديث قتادة عن رجل من خثعم ، قال : دفعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمنى ، فقلت له : أنت الذي تزعم أنك نبي ؟ فقال : نعم وكسر العين ، هي لغة في نعم ، بالفتح ، التي للجواب . وقد قرئ بهما .

                                                          وقال أبو عثمان النهدي : " أمرنا أمير المؤمنين عمر بأمر فقلنا : نعم ، فقال : لا تقولوا : نعم ، وقولوا نعم " وكسر العين .

                                                          ( س ) وقال بعض ولد الزبير " ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون إلا نعم " بكسر العين .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي سفيان " حين أراد الخروج إلى أحد كتب على سهم : نعم ، وعلى آخر : لا ، وأجالهما عند هبل ، فخرج سهم نعم ، فخرج إلى أحد ، فلما قال لعمر : اعل هبل ، وقال عمر : الله أعلى وأجل ، قال أبو سفيان : أنعمت ، فعال عنها " أي اترك ذكرها فقد صدقت في فتواها . وأنعمت : أي أجابت بنعم .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الحسن " إذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه ، فإن وافق قول عملا فنعم ونعمة عين ، آخه وأودده " أي إذا سمعت رجلا يتكلم في العلم بما تستحسنه ، فهو كالداعي لك إلى مودته وإخائه ، فلا تعجل حتى تختبر فعله ، فإن رأيته حسن العمل فأجبه إلى إخائه ومودته . وقل له : نعم .

                                                          ونعمة عين : أي قرة عين . يعني أقر عينك بطاعتك واتباع أمرك . يقال : نعمة عين ، بالضم ، ونعم عين ، ونعمى عين .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي مريم " دخلت على معاوية فقال : ما أنعمنا بك ؟ " أي ما الذي أعملك إلينا ، وأقدمك علينا ، وإنما يقال ذلك لمن يفرح بلقائه ، كأنه قال : ما الذي أسرنا وأفرحنا ، وأقر أعيننا بلقائك ورؤيتك .

                                                          [ ص: 85 ] وفي حديث مطرف " لا تقل : نعم الله بك عينا ، فإن الله لا ينعم بأحد عينا ، ولكن قل : أنعم الله بك عينا " قال الزمخشري : الذي منع منه مطرف صحيح فصيح في كلامهم ، وعينا نصب على التمييز من الكاف ، والباء للتعدية . والمعنى : نعمك الله عينا : أي نعم عينك وأقرها . وقد يحذفون الجار ويوصلون الفعل فيقولون : نعمك الله عينا . وأما أنعم الله بك عينا ، فالباء فيه زائدة ، لأن الهمزة كافية في التعدية ، تقول : نعم زيد عينا ، وأنعمه الله عينا ، ويجوز أن يكون من أنعم ، إذا دخل في النعيم ، فيعدى بالباء . قال : ولعل مطرفا خيل إليه أن انتصاب المميز في هذا الكلام عن الفاعل ، فاستعظمه ، تعالى الله أن يوصف بالحواس علوا كبيرا ، كما يقولون : نعمت بهذا الأمر عينا ، والباء للتعدية ، فحسب أن الأمر في نعم الله بك عينا ، كذلك .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن ذي يزن :

                                                          أتى هرقلا وقد شالت نعامتهم

                                                          النعامة : الجماعة : أي تفرقوا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية