الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 464 ] والاستثناء هنا كغيره

التالي السابق


والاستثناء هنا أي في صيغ الإقرار ( ك ) الاستثناء في صيغ ( غيره ) أي الإقرار كالطلاق والعتق في كونه بإحدى أدوات مخصوصة وشرط اتصاله والنطق به وإن سر أو قصده وعدم استغراقه . ابن شاس إذا استثنى من الإقرار ما لا يستغرق صح كقوله له علي عشرة إلا تسعة فيلزمه واحد خلافا لعبد الملك ، وعلى المشهور لو قال علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية لزمه تسعة ، لأن الاستثناء من النفي إثبات كما أنه من الإثبات نفي ، وكذلك لو قال له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين ، إلا واحدا لزمه خمسة . ابن عرفة الاستثناء في الإقرار على قواعده وتقدم منه في الطلاق ، وإيجاز تحصيله جواز استثناء الأقل في غير العدد اتفاقا . وفي كونه فيه كغيره وقصر جوازه على استثناء الكسر أو شبهه ككون المستثنى قبل المستثنى منه بمرتبتين قولا الأكثر والأقل مع أحد قولي ابن الطيب ، وفي جواز استثناء الأكثر قولا الأكثر والأقل مع ابن الماجشون وأحمد . المازري اعتذر بعض الأشياخ عن ابن الماجشون بأنه لم يخالف في حكمه ، وإنما خالف في استعمال العرف إياه وأنه قال في قوله له علي مائة درهم إلا تسعين إنما تلزمه عشرة .

قلت وحكى في المحصول والمستصفى الإجماع على لزوم واحد فقط في علي عشرة إلا تسعة ، ورده ابن التلمساني بأن خلاف أحمد يمنع تقرر الإجماع ، ثم قال ابن عرفة وفي المستغرق طريقان الأكثر على نقل الاتفاق على منعه القرافي حكى ابن طلحة في مختصره المعروف بالمدخل فيمن قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا قولين ، أحدهما أنه ينفعه والآخر لا ينفعه وتلزمه الثلاث . القرافي ونص العلماء على منعه في المذكور بعينه عطفا كقوله قام زيد وعمرو وخالد إلا عمرا ، وجوز أصحابنا أنت طالق واحدة وواحدة إلا واحدة ، وما علمت فيه خلافا . [ ص: 465 ] قلت منعه ابن الماجشون ، ولكن يتقرر السؤال بجوازه البعض فضلا عن الأكثر لاتفاقهم على منعه في المعطوف ، قالوا وعللوا جوازه في الطلاق بأن للثلاث عبارتين الثلاث وواحدة وواحدة ، فكما صح في الثلاث صح في المعطوفات ، وبأن خصوص الواحدة ليست مقصودا عند العقلاء ، بخلاف زيد وعمرو ، ويلزم على هذا أنه إن قال له علي درهم ودرهم ودرهم إلا درهما أنه لا يلزمه إلا درهمان لأن الدنانير والدراهم لا تتعين ، ولم أر لهم فيه نقلا . قلت : قوله لم أر فيه نقلا قصور ، لنقل المازري في كتاب الإقرار ما نصه في قول الرجل له عندي درهم ودرهم ودرهم إلا درهما مسلكان ، وقال بعض العلماء لا يلزمه سوى درهمين لأنه في قوله له عندي ثلاثة دراهم إلا درهما ، ولا فرق عند العرب بين قوله ثلاثة دراهم ، وعبارة الثلاث ولأن النحويين جعلوا جاءني الزيدون بدلا من جاءني زيد وزيد وزيد ، وقال بعضهم هو كاستثناء كل من كل فيبطل ، وفي النوادر ابن سحنون من أقر بألف درهم إلا مائتي درهم وعشرة دنانير إلا قيراطا فإن المائتي درهم والعشرة دنانير إلا قيراطا كلاهما استثناء من الألف درهم في قول سحنون وأهل العراق .

ثم قال ابن عرفة قالوا على صحته من العدد وصحة استثناء الأكثر وكونه من النفي إثباتا لو قال له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية ثم كذا إلى واحد لزمه خمسة قلت ضابطه أن تطرح مجموع كل استثناء وهو وتر وهو في مسألتنا خمسة وعشرون مجموع تسعة وسبعة وخمسة وثلاثة وواحد فذلك خمسة وعشرون من مجموع كل استثناء هو شفع ، وهو في مسألتنا ثمانية وستة وأربعة واثنان فذلك عشرون إلى المستثنى منه أولا ، وهو عشرة جميع ذلك ثلاثون ، واطرح منها المجموع الأول خمسة وعشرين فالباقي خمسة وهو الجواب المقر به ، فلو قال له عندي إلا سبعة إلا خمسة وإلا واحدا فالاستثناءات الوتر فيها سبعة وواحدة فذلك ثمانية تطرحها من الاستثناء الشفع وذلك خمسة فقط مع المستثنى منه أولا ، وذلك خمسة عشر ، فالباقي سبعة وهو الجواب . تت فتحط الأخيرة مما يليه ثم باقيه مما يليه ، وكذلك حتى الأول ، فما حصل فهو [ ص: 466 ] الباقي فيحط الواحد من الاثنين يبقى واحد فيحط من ثلاثة يبقى اثنان فيحطان من أربعة يبقى اثنان أيضا ، فيحطان من خمسة تبقى ثلاثة ، فتحط من ستة تبقى ثلاثة أيضا ، فتحط من سبعة تبقى أربعة ، فتحط من ثمانية تبقى أربعة أيضا ، فتحط من تسعة تبقى خمسة ، فتحط من عشرة تبقى خمسة أيضا وهو المقر به .




الخدمات العلمية