الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 390 ] وتوكيله إلا أن لا يليق به أو يكثر ، [ ص: 391 ] فلا ينعزل الثاني بعزل الأول

التالي السابق


( و ) منع ( توكيله ) أي الوكيل غير المفوض فيما وكل هو فيه في كل حال ( إلا ) حال ( أن لا يليق ) الفعل الموكل عليه ( به ) أي الوكيل فيجوز توكيله فيه ، ظاهره سواء علم موكله أنه لا يليق به أم لا ، وهو كذلك ( أو ) أي وإلا أن ( يكثر ) الفعل الموكل فيه بحيث يتعذر على الوكيل استقلاله فيه فله توكيل من يعينه عليه لا من يستقل به ، بخلاف من لا يليق به فيوكل من يستقل به . " ق " ابن رشد الوكيل المفوض إليه لم أحفظ في جواز توكيله غيره نصا ، واختلف فيه المتأخرون والأظهر أن له أن يوكل ابن محرز لم أحفظ خلافا في الوكيل على شيء مخصوص أنه لا يجوز له توكيل غيره إلا أن يكون لا يلي مثل ذلك بنفسه ، وفيها لمالك رضي الله تعالى عنه من وكل رجلا يسلم له في طعام فوكل الوكيل غيره لم يجز أراد لا يجوز للآمر أن يرضى بفعله ، إذ بتعديه صار الثمن في ذمته ففسخه فيما لا يتعجله ، فذلك فسخ الدين في الدين إلا أن يكون أجل السلم قد حل وقبض له ما أسلم فيه فلا بأس أن يأخذ منه لسلامته من الدين في الدين ، ومن بيع الطعام قبل قبضه سحنون لا يجوز للآمر أن يرضى بفعل المأمور إلا أن يكون مثله لا يتولى السلم بنفسه فيجوز للآمر أن يرضى بفعل المأمور .

ابن يونس أراد لأنه فعل ما جاز له فلم يتخلد في ذمته دين . ابن شاس علم الموكل عجز الوكيل بانفراده عما وكله عليه أو عدم مباشرته ذلك عادة يجيز له توكيل غيره ولا يوكل إلا أمينا . ابن عبد السلام هذه القرينة تسوغ له الاستعانة بوكيل ولا تسوغ له أن يجعل وكيلا أو وكلاء ينظرون فيما كان ينظر هو فيه ، والقرينة الأولى تسوغ له ذلك ، ثم قال ويكون للوكيل الأعلى النظر على من تحته . ابن الحاجب والوكيل بالتعيين لا يوكل إلا فيما لا يليق به أو لا يستقل به لكثرته . خليل احترز بالتعيين من المفوض فله [ ص: 391 ] التوكيل على المعروف . وفي البيان قول بأنه لا يوكل ، قال والأظهر أن له ذلك لأن الموكل أحله محل نفسه فكان كالوصي . ا هـ . ثم قال الحط فتحصل من هذا أن الوكيل المفوض يجوز له التوكيل على ما رجحه ابن رشد وغيره . وأما الوكيل غير المفوض فإن كان ممن يلي ما وكل فيه بنفسه فليس له أن يوكل فيه ، وإن كان ممن لا يليق به أن يليه بنفسه فإن علم موكله بذلك فله ذلك ، ويحمل الموكل على علمه بذلك إن اشتهر به ، ولا يصدق في أنه لم يعلم به وإن لم يشتهر بذلك فرضاه بالوكالة دل على أنه يتولى حتى يعلم موكله أنه لا يتولى ، وهو متعد بالتوكيل وضامن للمال وربه محمول على عدم علمه به .

( و ) إذا وكل الوكيل لعدم اللياقة أو الكثرة فوكيله وكيل عن الموكل الأول ( فلا ينعزل ) الوكيل ( الثاني بعزل ) الموكل لوكيله ( الأول ) وكأنه وكل وكيلا بعد وكيل . " ق " ابن عرفة إذا وكل الوكيل بإذن الموكل ثم مات الوكيل الأول فقال المازري الأظهر أن الثاني لا ينعزل بموت الأول بخلاف انعزال الوكيل الأول بموت موكله ولابن القاسم ما يشير إلى هذا وهو إمضاء تصرف ما أبضع معه أحد الشريكين بعد مفاصلتها . ابن الحاجب لا يعزل الوكيل الثاني بموت الأول ، ثم قال ابن عرفة وللوكيل عزل وكيله واستقلاله بفعل نفسه اتفاقا . ا هـ . فالإضافة في قول المصنف بعزل الأول للمفعول كما تقدم والله أعلم .

الحط لكنهم إنما قالوا لا ينعزل الثاني بموت الأول ، وكأن المصنف رحمه الله تعالى رأى أنه لا فرق بين عزله وموته أو رآه منصوصا ، ولا يفهم من كلام المصنف أن الوكيل الثاني لا ينعزل إذا عزله الأول لحكاية ابن عرفة الاتفاق على انعزاله بعزله ، ثم قال ونقل ابن فرحون في ألغازه فرعا آخر وهو أن للموكل عزل وكيل وكيله ونصه : فإن قلت رجل غير حاكم له أن يعزل وكيل رجل ولم يأذن له الموكل ويعلق عزله على شيء ، قلت إذا وكل الرجل وكيلا وجعل له أن يوكل فوكل الوكيل رجلا فللموكل الأول عزل وكيل وكيله . ا هـ . وهذا الفرع وفرع ابن عرفة عزيزان . ابن سلمون لا ينعزل [ ص: 392 ] الوكيل الثاني بموت الذي وكله ، وينعزلان معا بموت الموكل الأول . في نوازل ابن رشد ما قبضه وكيل الوكيل من مال موكل موكله يلزمه دفعه لمن أراد قبضه منه ، سواء كان موكله أو موكل موكله إذا ثبت أن المال له ببينة أو بإقرار موكله وليس له الامتناع منه لبراءته بالدفع إلى أيهما .




الخدمات العلمية