الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 42 ] وإن ظهر دين أو استحق مبيع وإن قبل فلسه : رجع بالحصة [ ص: 43 ] كوارث ، أو موصى له على مثله

التالي السابق


( وإن ) قسم مال مفلس أو ميت على غرمائه ثم ( ظهر دين ) عليه لغيرهم لم يعلم بقسمتهم فإنه يرجع على المقتسمين بالحصة التي تنوبه لو قاسمهم ، وأفهم قوله ظهر أنه لو حضر ولم يقاسمهم فلا يرجع عليهم وهو كذلك ( أو ) بيع ماله وقسم ثمنه على غرمائه ثم ( استحق ) بضم المثناة وكسر الحاء المهملة فقاف شيء ( مبيع ) على مفلس أو ميت إن كان مبيعا بعد تفليسه .

بل ( وإن ) كان مبيعا ( قبل فلسه ) أو موته ( رجع ) الغريم الظاهر في الأولى والمستحق منه في الثانية على المقتسمين ( بالحصة ) التي تخصه لو قاسمهم في البيع قبل الفلس ، وبجميع ثمنه في المبيع بعده لاقتسامهم عين ماله ولأن المعاملة في هذا إنما هي بينه وبين الحاكم ، فلو كان عليه عشرون لاثنين لكل واحد عشرة وله سلعتان بيعت كل سلعة منهما بعشرة ، وأخذ كل واحد عشرة ثم استحقت إحدى السلعتين رجع من استحقت منه السلعة على كل منهما بثلاثة وثلث إن كان البيع قبل الفلس ، وإن كان بعده رجع على كل منهما بخمسة ولا يأخذ مليا عن معدم ، ولا حاضرا عن غائب ، ولا حيا عن ميت فيهما .

الخرشي هذا على أنه يفلس ودينه مساو لما بيده وهو خلاف ما مر للحط ، أو يحمل على ما إذا كانت قيمتهما حين تفليسه تنقص عن عشرين ثم زادت حين البيع ، واحترز بقوله ظهر عمن حضر القسم ساكتا بلا عذر مانع له من مقاسمتهم فلا رجوع له عليهم بشيء لأن سكوته يعد رضا منه ببقاء دينه في ذمة المفلس وبالغ على البيع قبل الفلس لتوهم عدم الرجوع فيه لأن المقتسمين يقولون لمن استحقت السلعة منه إنما اقتسمنا مال المفلس ولم تستحق أنت شيئا منه وقت القسمة إنما طرأ استحقاقك بعدها . ووجه رجوعه عليهم أن الغيب كشف أنه كان يستحق محاصتهم وقتها . وأما المبيع بعد [ ص: 43 ] التفليس فلا يتوهم فيه عدم رجوعه عليهم لاقتسامهم عين ماله فله الرجوع عليهم بجميعه لأن المعاملة إنما هي بينه وبين الحاكم ، قاله الفيشي ونحوه في شرح السوداني .

البناني وهو الصواب لقول ابن عرفة معنى قول ابن شاس وابن الحاجب إن ظهر غريم رجع على كل واحد بما يخصه ، وكذا لو استحق مبيع هذا هو نقل الشيخ في الموازية لأصبغ وعبد الملك أن من استحق من يده ما اشتراه مما بيع على المفلس رجع بثمنه على الغرماء ، فقوله رجع بثمنه ظاهر في رجوعه بجميعه .

والحاصل أن المبيع بعد المفلس يرجع بجميع ثمنه والمبيع قبله يرجع بحصته فقط فقد اختلفا في هذا الحكم واتفقا في أنه لا يأخذ مليا عن معدم ، ولا حاضرا عن غائب ، ولا حيا عن ميت ، والله أعلم . ابن عرفة وفيها إن طرأ غريم على غرماء بعد قسم مال المدين عليهم وعدم العلم بالطارئ وشهرة المدين بالدين تبع كلا منهم بما يجب له لو حضر معهم فيما صار لهم ، ولو لم يجب له الوفاء ما فضل عن ديونهم بحق الطارئ تبع الورثة بما فضل عن ديونهم زاد في قسمتها ولا يتبع المليء بما على المعدم ا هـ .

وشبه في رجوع الطارئ على المطرو عليه فقال ( كوارث ) طرأ على مثله بعد قسمة التركة ( أو موصى له ) بفتح الصاد طرأ ( على مثله ) بكسر فسكون أي وارث في الأول وموصى له في الثاني بعد قسمة التركة في الأول والموصى به في الثاني ، فيرجع الطارئ على المطرو عليه بحصته لو حضرها ولا يأخذ مليا عن معدم إلخ .




الخدمات العلمية