الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 413 ] وانعزل بموت موكله ، إن علم ، [ ص: 414 ] وإلا فتأويلان

التالي السابق


( وانعزل ) الوكيل ( بموت موكله إن علم ) الوكيل موته إذ هو نائبه على التصرف في ماله ، وقد خرج عن ملكه وصار ملكا لوارثه فلا يتصرف فيه إلا بإذنه ، ظاهره ولو أشرف على فصل الخصومة ، وظاهره أيضا ولو قيل قبض ثمن ما باعه ، وظاهره كان مخصوصا أو مفوضا وهو كذلك على المشهور " ق " ابن عرفة المعروف انعزال الوكيل بعلمه بموت موكله فيها لابن القاسم من أمر رجلا يشتري له سلعة ثم يدفع له ثمنها أو دفعه له فاشتراها الوكيل بعد موت الآمر ، فذلك لازم لورثته إلا أن يشتريها وهو عالم بموت الآمر ، فلا تلزم الورثة وعليه غرم الثمن لأن وكالته قد انفسخت قبل شرائه وقاله الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فيمن له وكيل ببلد يجهز إليه المتاع أن ما باع أو اشترى بعد موت الآمر ولم يعلم بموته فهو لازم لورثته وما باع أو اشترى بعد علمه بموته لا يلزمهم لأن وكالته قد انفسخت . [ ص: 414 ]

( وإلا ) أي وإن لم يعلم الوكيل موت موكله وتصرف في المال بعده ( ف ) في مضي تصرفه اللخمي وهو ظاهر المدونة وعليه حملها عامة الأشياخ وعدمه وهو قول ابن القاسم وحملها عليه بعضهم ( تأويلان ) " ق " ابن رشد إذا لم يعلم الوكيل بموت موكله أو عزله فقيل إنه معزول بنفس العزل أو الموت ، وهو قول ابن القاسم في كتاب الشركة من المدونة في الذي حجر على وكيله فقبض من غرمائه بعد عزله وهم لا يعلمون بذلك أنهم لا يبرءون بالدفع إليه وإن لم يعلم هو بعزله هذا هو ظاهر قوله ، وعلى ذلك كان الشيوخ يحملونه ، وعليه حمله التونسي .

فإذا لم يبرأ الغرماء بالدفع إليه فكذلك لا يبرأ هو وللغرماء الرجوع عليه وإن تلف المال بيده لأنه أخطأ على مال غيره ، فهذا بين أن الوكالة تنفسخ في حقه وحق من عامله أو دفع إليه بنفس العزل أو الموت ، وقيل لا ينعزل في حق أحد إلا بوصول العلم إليه فينعزل بوصول العلم إليه ، وفي حق من بايعه أو دفع إليه بوصول العلم إليه ، وهذا قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الوكالات من المدونة في مسألة الورثة المتقدمة ، وكذلك يبرأ من دفع إليه إذا لم يعلم موت موكله على قياس قوله ، وعلى قول الإمام مالك هذا لو علم الوكيل موت موكله فباع ولم يعلم المشتري بذلك فتلفت السلعة المبيعة عنده ضمنها الوكيل لانفساخ الوكالة في حقه لعلمه موته وتعديه فيما لا ينصرف له فيه ، ولم يكن على المشتري رد الغلة إذا أخذت السلعة منه ولو لم يعلم الوكيل بموته وعلم المشتري لكان عليه أن يرد الغلة إذا أخذت السلعة منه لتعديه بابتياع ما قد انفسخت الوكالة فيه في حقه .




الخدمات العلمية