الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بعلي ، أو في ذمتي ، أو عندي ، أو أخذت منك ، ولو زاد إن شاء الله ، [ ص: 435 ] أو قضى ، أو وهبته لي ، أو بعته ، أو وفيته ، [ ص: 436 ] أو أليس أقرضتني ، أو أما أقرضتني ، أو ألم تقرضني ، أو ساهلني ، أو اتزنها مني ، أو لا قضيتك اليوم ، أو نعم ، أو بلى ، أو أجل ، جوابا لا ليس لي عندك ، [ ص: 437 ] أو ليست لي ميسرة

التالي السابق


وبين صيغ الإقرار الصريحة بقوله ( بعلي ) بفتح اللام وشد الياء كذا لفلان ( أو في ذمتي ، أو عندي ) كذا لفلان ( أو أخذت ) بضم التاء ( منك ) كذا ويلزمه ما أقر به إن لم يقل إن شاء الله بل ( ولو قال ) المقر عقب صيغة من هذه الصيغ ( إن شاء الله ) تعالى أو قضى أو أراد أو يسر أو أحب لأن الاستثناء بالمشيئة لا يفيد في غير اليمين بالله . ابن سحنون أجمع أصحابنا إذا قال لفلان علي ألف درهم إن شاء الله أو له عندي أو معي لزمه ولا ينفعه الاستثناء . [ ص: 435 ] ابن المواز وابن عبد الحكم إذا قال إن شاء الله فلا يلزمه شيء وكأنه أدخل ما يوجب الشك نقله في الاستغناء . وأشار ب ولو لقول ابن المواز وابن عبد الحكم لا يلزمه . وفي بعض النسخ زاد بدل قال المصنف قل أن يوجد للإمام نص في مسائل الإقرار ، فلذا تجد أكثرها مشكلا .

البساطي أكثر هذا الباب لابن عبد الحكم . ابن عرفة الصيغة الصريحة في الإقرار كتسلفت وغصبت وفي ذمتي والروايات في علي كذلك . ابن شاس إن قال لفلان علي أو عندي ألف فهو إقرار في المعتمد ، كقوله تعالى { لهم أجرهم عند ربهم } وقوله تعالى { فقد وقع أجره على الله } ، . ا هـ . نقله " ق " ، وقال انظر ابن عرفة ، ونصه الصيغة ما دل على ثبوت دعوى المقر له من لفظ المدعى عليه أو كتبه أو إشارته بدين أو وديعة أو غير ذلك الصريحة كتسلفت وغصبت وفي ذمتي والروايات في علي كذلك وأودع عندي ورهن عندي كذلك .

ابن شاس عندي ألف أو علي إقرار . قلت قاله ابن شعبان والصواب تقييده بما هو جواب له من ذكر دين أو رهن أو وديعة وإن لم تتقدم قرينة قبل تفسيره كالجمل . المازري قوله أخذت كذا من دار فلان أو بيته أو ما يحوزه فلان بغلق أو حائط أو رحب ويمنع منه الناس ولا يدخل إلا بإذنه كإقراره بأخذه من يده فهو تمليك له ، ولو قال من فندق فلان أو حمامه أو مسجده فليس بإقرار ، ولو قال أخذت السرج من على دابة فلان فإقرار له به إلا أن تثبت الدابة في حوز المقر وتصرفه ، هذا أصل الباب .

( أو ) قال من بيده شيء لمدعيه أنت ( وهبته لي أو بعته ) لي فهو إقرار بملك المدعي ودعوى هبته أو بيعه لا تثبت إلا ببينة أو إقرار من المدعي . ابن الحاجب ومثل صيغة الإقرار وهبته لي أو بعته مني . ابن عرفة هذا مقتضى نقل الشيخ عن كتاب ابن سحنون إن قال في الدار أو الدابة اشتريتها منه أو وهبها لي وجاء بالبينة قبلت منه .

( أو ) قال لمن طالبه بدين ( وفيته ) فهو إقرار بأنه تداين منه ودعوى التوفية [ ص: 436 ] فتحتاج إلى بينة أو إقرار من المدعي بها . ابن شاس لو قال علي ألف قضيته إياها لزمه الألف ولا يقبل قوله في القضاء . ابن المواز وابن عبد الحكم إن قال ألم أوفك العشرة التي لك علي فقال لا فهو إقرار . محمد يغرم له العشرة بلا يمين إلا أن يرجع عن الاستفهام ، ويقول بل قضيتك فتلزمه اليمين ( أو ) قال ( أليس أقرضتني ) ألفا فهو إقرار ابن سحنون من قال لرجل أليس قد أقرضتني بالأمس ألفا فقال بلى أو نعم ، فجحد المقر المال فإنه يلزمه .

( أو ) قال ( أما أقرضتني ) أو قال ( ألم تقرضني ) فقال نعم أو بلى فيلزمه . ابن سحنون لو قال أما أقرضتني أو ألم تقرضني لزمه المال إن ادعاه طالبه ( أو ) قال ( ساهلني ) لمن قال لي عليك ، كذا فإقرار لازم ( أو ) قال له ( اتزنها ) بكسر الهمز وشد الفوقية وسكون النون فعل أمر افتعال من الوزن ( أو ) قال له ( لا قضيتك اليوم ) فقد أقر ولزمه ( أو قال نعم أو بلى ) بفتح الموحدة واللام ( أو أجل ) بفتح الهمز والجيم مخففة وسكون اللام بمعنى نعم ( جوابا لا ليس لي عندك ) فهو إقرار لازم . ابن شاس لو قال لي عليك عشرة فقال بلى أو أجل أو نعم أو صدقت أو أنا مقر به أو لست منكرا له ، فهو إقرار . ولو قال أليس لي عليك ألف فقال بلى لزمه ولو قال نعم فكذلك .

ابن عرفة الأظهر أن هذا بالنسبة إلى العامي ، أي وصيغ الإقرار مبنية على العرف لا على اللغة لأن نعم تقرر الكلام الذي قبلها منفيا كان أو موجبا ، ولذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى { ألست بربكم قالوا بلى } ، لو قالوا نعم لكفروا وأما بلى فتوجب الكلام المنفي ، أي تصيره موجبا ولا يقال الاستفهام في معنى النفي وليس للنفي ونفي النفي إيجاب فتكون نعم واقعة بعد الإيجاب ، لأن محل [ ص: 437 ] كون الاستفهام في معنى النفي إذا كان إنكاريا ، أما غيره كما هنا فليس في معنى النفي إجماعا .

( أو ) قال له ( ليست لي ميسرة ) فإقرار . ابن شاس إذا قال له اقضني العشرة التي لي عليك فقال ليست لي ميسرة ، أو أرسل رسولك يقبضها ، أو أنظرني بها فكله إقرار ، إذ كأنه قال نعم وسأله المساهلة أو الصبر أو أمره باتزانها أو ادعى العسر . ابن سحنون وابن عبد الحكم من قال لرجل أعطني كذا فقال نعم أو سأعطيك أو أبعث لك به أو ليس عندي اليوم ، أو ابعث من يأخذه مني فهو إقرار ، وكذا أجلني فيه شهرا أو نفسني به ، ولفظ ابن شاس ساهلني فيها دون نفسني لم أجده قاله ابن عرفة ، وفي الاستغناء عن ابن سحنون وابن عبد الحكم إن قال اقضني العشرة التي لي عليك فقال لم يحل أجلها أو حتى يحل ، فإنها تلزمه إلى الأجل .

ابن عبد الحكم ولو قال اتزن أو اجلس فانتقد أو زن لنفسك أو يأتي وكيلي يزن لك فليس بإقرار إن حلف ، لأنه لم ينسب ذلك إلى أنه الذي يدفع إليه ولو قال اتزنها مني أو ساهلني فيها لزمته لأنه نسب ذلك إلى نفسه . وعن ابن سحنون وابن عبد الحكم من قال لرجل أعطني الألف درهم التي لي عليك فقال إنما أبعث بها إليك أو أعطيكها غدا فإنها تلزمه .




الخدمات العلمية