الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا يسقط الغرم بإحضاره ; إن حكم به ، [ ص: 242 ] لا إن أثبت عدمه ، أو موته في غيبته ولو بغير بلده

التالي السابق


( و ) إن حل أجل الدين ولم يحضر ضامن الوجه المضمون وحكم الحاكم على ضامن بغرم ما على المضمون فأحضر الضامن المضمون ف ( لا يسقط ) الغرم عن ضامن الوجه ( بإحضاره ) أي المضمون ( إن ) كان ( حكم ) بضم فكسر على الضامن ( به ) أي الغرم قبل إحضاره على المشهور لأنه حكم مضى . فإن كان دفع المال ثم أحضره مضى اتفاقا قاله [ ص: 242 ] في التوضيح والشامل ، وعلى المشهور يخير الطالب في إتباع الغريم أو الحميل قاله ابن يونس ونقله في التوضيح .

ومفهوم الشرط أنه إن أحضره بعد حلول الأجل والدعوى ، وقبل الحكم فإنه يسقط الغرم عنه وهو كذلك ، واختلف في المراد بالحكم فقيل هو إشهاد الحاكم على حكمه بالغرم وقيل القضاء بالمال ودفعه لربه لعبد الملك وغيره ، وهذا مقيد بيسر المضمون عند حلول الأجل ، فإن كان معسرا رد الحكم بالغرم ، ورجع الضامن بما دفعه لقوله ( لا ) يغرم الضامن ( إن ثبت عدمه ) بضم فسكون أي فقر المضمون وعجزه عن وفاء الدين المضمون فيه عند حلول الأجل ولو بعد الحكم على الضامن بالغرم ، وهذه طريقة اللخمي بناء على أن يمين المدين مع البينة الشاهدة بعدمه استظهار ، واقتصر المصنف في باب الفلس على قول ابن رشد بغرمه ولو أثبت عدمه في غيبته بناء على أنها تتميم للنصاب ورجع تت وغيره ما هنا

( أو ) أي ولا يغرم ضامن الوجه إن أثبت ( موته ) أي المضمون قبل الحكم عليه بالغرم ، فإن أثبت موته بعد الحكم عليه به فهو حكم مضى ويلزمه الغرم ، فإن سبق الحكم الموت لزم الغرم ، وإن سبق الموت الحكم لم يلزم لتبين خطإ الحكم ، وقوله ( في غيبته ) قيد في ثبوت عدمه فقط ، واحترز به من إثبات عدمه في حال حضوره مع عدم إحضاره للطالب فلا يسقط به الغرم عن الحميل لأنه لا بد في إثبات العدم من حلف من شهدت البينة بعدمه إذا حضر ، بخلاف الغائب فيثبت عدمه بمجرد البينة ويسقط غرم ضامن الوجه بثبوت موت المضمون ببلد الضمان ، بل ( ولو ) مات ( بغير بلده ) أي الضمان لذهاب الذات المكفولة .

أشهب لا أبالي مات غائبا أو ببلده فيبرأ الحميل ، هذا مذهب المدونة أن الحمالة تسقط بموت المديان مطلقا ، سواء مات ببلده أو بغيره من غير تفصيل ، وأشار بولو إلى قول ابن القاسم إن مات بغير بلده بعد الأجل أو قبله بزمن لا يمكن إحضاره فيه عند الأجل من البلد الذي مات به أن لو كان حيا فلا يسقط الضمان ابن عبد السلام لأن تفريطه في [ ص: 243 ] الغريم حتى خرج عن البلد كعجزه عن إحضاره حيا لأنه لو منعه من الخروج لحل الأجل وهو بالبلد وتمكن الطالب منه وإلا سقط ، وصرح ابن رشد بأن هذا خلاف ما في المدونة




الخدمات العلمية