الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  العمل الإسلامي الرسمي

                  ** هـناك قضية هـامة في الحقيقة: لا شك بأن الرابطة يمكن أن يكون لها صفتان: صفة الاستقلالية - استقلالية القرار كهيئة مستقلة تتابع قضايا المسلمين - ولها بعض الاعتبارات الرسمية من جانب آخر، هـذه الاعتبارات بسبب من التمويل أو بسبب من وجودها في المملكة العربية السعودية ..

                  والحكومات بطبيعة الحال لها روابطها الرسمية والدولية، ولها ضوابطها ولها علاقاتها العامة التي قد لا تستطيع تجاوزها في بعض الأحيان، بينما المؤسسات الشعبية والمؤسسات الخاصة أقدر على التحرك من بعض الوجوه والاعتبارات؛ لأنها تخضع للضوابط والروابط نفسها التي تخضع لها الحكومات، فما أدري إلى أي مدى تمتلك الرابطة استقلالية قرارها وممارساتها ومتابعاتها، والإحساس بمشكلات العمل الإسلامي والاقتراب من العمل الإسلامي الشعبي؟ لأنه على حد بعيد هـناك أزمة ثقة بين العمل [ ص: 98 ] الإسلامي الشعبي - إن صح التعبير - والعمل الإسلامي الرسمي، فالعمل الإسلامي الرسمي ينظر إليه من خلال الحكومات وظروفها وأزمة الثقة بينها وبين شعوبها في كثير من مناطق العالم الإسلامي.. وقد لا تكون هـذه الظروف واقعة في بلد، لكنها في بلاد أخرى موجودة وقائمة، فكيف فكرتم بهذه القضية وكيفية علاجها؟ لأنه إذا اعتبرنا الرابطة صورة للعمل الإسلامي الرسمي، فلقد يبتعد كثير من الناس عن الاستفادة منها والتعاون معها، وبذلك يفوت خير كبير على المسلمين.

                  إن الرابطة حتى الآن - ولله الحمد - لديها الاستقلالية في التفكير وفي اتخاذ القرارات وفي تنفيذ الأمور، والمملكة العربية السعودية - والحمد لله - هـي التي تعطيها الدعم طبعا، 99% من الدعم يأتي من المملكة، وهذه الرابطة جعلت لخدمة العالم الإسلامي والمسلمين في أي مكان، والمملكة العربية السعودية وإن كانت تمولها، إلا أنها لا تريد أن تملي عليها شيئا، بل تريدها أن تباشر عملها في أوساط الشعوب الإسلامية بحرية وانطلاق، حتى يمكن أن تحقق الفائدة، ولذلك أعتقد أن الحرية مكفولة للرابطة - والحمد لله - طبعا لابد من مراعاة الظروف - ظروف وضعنا داخل المملكة العربية السعودية - لكن هـذا لا يعوق العمل.

                  هناك أعداء للإسلام بين المسلمين وغير المسلمين يحاولون أن يكيدوا للعمل الإسلامي وأن يهولوا الأمور ويصوروها بغير حقيقتها، وهؤلاء نجحوا في وقت من الأوقات في تشويه سمعة الرابطة ومكانتها، وأوهموا الناس بأنها مؤسسة رسمية سعودية لا تستطيع التصرف، وما إلى ذلك من ادعاءات، وربما ترصدوا الحوادث وهولوها وكبروها، ولكنني أعتقد أن الحرية المكفولة للرابطة الآن لا يمكن لأحد أن ينكرها، وهي ملموسة في أنحاء العالم الإسلامي.

                  ** إن ما أريد أن أقوله هـو أن الرابطة كما أشرتم تمارس الآن عملا، تتفاعل من خلاله بالضرورة مع العمل الإسلامي الشعبي، وذلك بمساعدته وتبنيه ومعاونته، والسير معه إلى مدى إزالة الحواجز النفسية التي يمكن أن تنشأ بين المسلمين.

                  هذا ما يتم في الواقع، وهو السبب وراء زيادة الضغط علينا؛ لأن المؤسسات [ ص: 99 ] الإسلامية والأفراد والجهات المختلفة في الخارج تحس أن المساعدات التي تقدمها الرابطة هـي أولا نابعة من إخلاص - إن شاء الله - وفي الوقت نفسه غير مشروطة، فالرابطة تسعى إلى أن تعالج حاجة ماسة في مجتمع ما أو نقصا قائما أو علاج مشكلة من المشاكل، ولذلك زاد الطلب، ويزداد يوميا لأنهم يحسون أن الرابطة لا تملي عليها شروطا أو تقدم إعانات مشروطة أو تطلب من الجمعيات أشياء غير معقولة، بل بالعكس نطلب من الجهات تأسيس وقف، ونتأكد من أن هـذا الوقف إسلامي، وأنه مصون بالنسبة للمستقبل، ولا نشترط أن نمتلك شيئا، أو أن يكون المشروع ملكا للرابطة، رغم أنه قد ندفع مائة بالمائة من تكاليف المشروع، سواء أكان مركزا أو مدرسة أو غير ذلك، وأعتقد أننا بحاجة إلى فترة من العمل الإيجابي حتى نزيل ما هـنالك من تصورات مخطئة، أو حساسيات متوارثة من الماضي إن شاء الله.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية