الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  وثائق الفاتيكان.. وحوار مع المستشرقين **هـناك رهبان آخرون عاشوا في الصدر الأول للإسلام لم ينتهوا إلى ما انتهى إليه راهب سيناء، وكتبوا عن تلك الفترة ما يعتبر الآن من الوثائق الأساسية التي يعتمد عليها المستشرقون.. ولعل من هـؤلاء البرهان " يوحنا الدمشقي " .

                  ** في اعتقادي أن " يوحنا الدمشقي " جاسوس عاش في البلاط الأموي حيث كان يعمل والده الذي استغل سماحة معاوية رضي الله عنه فكان يهاجم الإسلام في البلاط، وسار يوحنا على نهج أبيه مستغلا كثيرا من الأفكار التي كانت تروج في البلاط. و ضمن ذلك في وثيقة اعتمد عليها كثير من المستشرقين في كتاباتهم عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم . فمصدر " يوحنا الدمشقي " إسلامي.. ولكنني أستبعده لأنه لا يتمتع بالمصداقية. [ ص: 59 ]

                  وكان ينطلق في مناصرته لمعاوية على علي رضي الله عنهما من حقد دفين.. ووثيقته في آخر الأمر وثيقة رجل يبيع أخبارا.

                  ** بهذه المناسبة نشير إلى أن هـناك دعوة يطرحها بعض المهتمين بالعمل الإسلامي لعقد مؤتمرات مواجهة ومحاورة بين مستشرقين موضوعيين وبين مفكرين إسلاميين، ما هـو تقديرك لنتائج مثل هـذا الحوار ؟ وهل هـناك شروط ينبغي أن تتوفر لدينا أولا قبل الاستجابة لهذه الدعوة ؟

                  ** تناقشت ذات مرة في باريس مع البروفيسور " منكورم دريود " وخرجت من المناقشة بأن معلومات الرجل عن الإسلام والمسلمين محدودة جدا.. وتلك سمة للمستشرقين بشكل عام.. فهم يعتمدون أساسا على بعض الوثائق الموجودة في الفاتيكان ـ وهي وثائق أشك في صحتها ـ وعلى وقائع غريبة ضعيفة يعطونها أهمية بالغة.

                  ويتصف المستشرقون بنوع معين من " الانصلاحية " في الأعماق. ويعتقد بعضهم بأنه أكثر منهجية من المفكرين المسلمين.. ولكن من يتحاور معنا منهم نستطيع أن نقنعه.. ونحن مستعدون لذلك لقناعتنا بأن الأمر في نهاية المطاف سيكون لصالحنا.. فقط علينا أن نأتي البيوت من أبوابها، وهي أن نطرح فلسفة التاريخ كما هـي، كتخصص صارم، لنقفل الباب أمام محاولاتهم لما أسميه : الاستغلال المحدود أو القاصر لفلفسة التاريخ.. ومعنى ذلك أننا مطالبون بالقيام بعملية بناء للفعل التاريخي في جزيرة العرب عشية مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا بالطبع سيكون عملا شاقا يستغرق وقتا طويلا، ولكنه ضروري لأنه سيسد منافذ لا حصر لها.

                  والتاريخ فكر ورصد مؤرخين.. ولدينا بناء فكري تاريخي.. ولكن لا وجود للفعل التاريخي، وهذا مما سهل مهمة المستشرقين فأخذوا يتصيدون الفعل التاريخى ـ حسب المنهج في فلسفة التاريخ ـ من الحدث والواقع، لا ما يقوله المؤرخون.. وهم بذلك يقومون بعملية بناء ولكن بإعطاء " ساندويتشات " صغيرة.. بينما نريد نحن أن نقوم بعملية بناء للبيت كله، للفعل التاريخي كله منذ القرن السابع الميلادي.. وذلك ممكن لأننا نملك توثيقا رائعا.. وإذا استطعنا أن نقوم بعملية بناء لهذه المادية بصرامة، فأنا على يقين من أنها ستكون لصالح الإسلام. [ ص: 60 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية