الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  النظرة التجزيئية ما هـو تعليلكم لظاهرة النظرة التجزيئية وعدم القدرة على الالتزام بالجماهير ككل وتوسيع دائرة المشاركة في العمل الإسلامي، وظهور بعض مؤسسات الدعوة الإسلامية وكأنها أجسام منفصلة عن قضايا الأمة وجماهيرها وإيقاظ روحها الجماعية؟

                  لهذه الظاهرة أسباب كثيرة.. منها ما هـو اجتماعي، ومنها ما هـو سياسي، أما السبب الاجتماعي فهو غياب الوعي عن أفراد الأمة بالدرجة المطلوبة.

                  ** الأصل أن إيقاظ الوعي منوط بالناس المتقدمين وعيا.. فإذا اعتبرت أن العاملين للإسلام هـم العقل الذي ينبغي أن يحرك الأمة ويعيد لها وعيها، فالسبب في هـذه الحالة يعود بالدرجة الأولى إلى وسائلهم في التعامل.

                  لقد حدث انقطاع في حياة الأمة.. فبدخول الاستعمار الغربي العالم الإسلامي وجدت تيارات كانت تحرص على إيقاف المد الإسلامي، بدليل أنه في الفترات التي وجدت الأمة بعض الدعاة الأقوياء استجابت.. [ ص: 46 ]

                  ** هـل يمكن أن نعتبر، على ضوء ذلك، أن المشكلة كانت دائما في عدم وجود الدعاة والعلماء الأقوياء المؤثرين القادرين على النهوض بالأمة ومعرفة كيفية الاتصال بها والتعامل معها؟

                  نعم.. وهناك قضية أخرى تحتاج من العاملين للإسلام التفكير بجد.. وهي - كما أسلفت - ضرورة أن يغير الدعاة من أساليبهم ووسائلهم، بحسب كل مرحلة.. فإنهم أحيانا يسجنون أنفسهم في أنماط معينة لا يخرجون عنها، وهذا مما يمنعهم من ملاحقة ومتابعة قضايا الأمة.

                  وقد يكون من الأمور الخطيرة الآن مواجهة التيارات التعسفية التي تحجب الرأي الآخر عن الأمة.

                  ** ليس من شك في أن الرصيد التاريخي للإسلام في نفوس الأمة، وميراثه الثقافي والحضاري، الذي يتحقق من خلال المسجد والكتاب والدورية والصلة الشخصية، كان ولا يزال الحصانة الدائمة ضد التعسف الذي يمكن أن يقع.. وتبقى الأمة المسلمة قادرة على العطاء إذا وهبها الله من يجدد لها أمر دينها.. لذلك نرى في فترات التاريخ المتعددة أنه عندما يظهر عالم كابن تيمية وأحمد بن حنبل رحمهما الله، يغيب من التاريخ ومن ضمير الأمة الجلاد والحاكم المستبد، ذلك يعني في كثير من الأحيان أن التعسف قد يكون موقظا إذا وجد العالم العامل والداعية القادر على المواجهة بالطرق الشرعية..

                  هذا صحيح.. وهناك أنماط أخرى لا تزال ماثلة للعيان مثل النمط البلغاري والألباني.. فمن المعروف أن ألبانيا كانت حتى عام 1938م بلدا غالبية سكانه مسلمون، وكان ملكهم يسمى أحمد زوغو فلما فرض عليها هـذا النظام الاستبدادي التعسفي، الذي أغلق المساجد ومنع أداء الشعائر، انتهت إلى ما نراه اليوم.. وهذه من القضايا الجديدة التي تواجه الأمة الإسلامية.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية